__________________
الطرق الظنّيّة المعتبرة ؛ ضرورة أنّ قيام الأمارة الظنّيّة على تكليف لا يوجب العلم به فلا يعقل كونها بيانا علميّا له مع انه لا شبهة في جواز العتاب وحسن العقاب عليها بحكم العقل وشهادة العقلاء كافّة ، بل المراد به الحجّة القاطعة للعذر بين الموالى والعبيد وهي ما لو عمل به العبد واتّفق مخالفته للواقع ـ بأن كان مؤدّيا إلى مبغوض المولى ـ لقبح على المولى عقاب العبد على ذلك ولو لم يعمل به واتفق كون مؤدّاه مطلوبا للمولى لحسن له عقابه عليه فيعمّ الطرق الظنّيّة المعتبرة فإنّها وإن لم تكن حجابا في أنفسها كالعلم إلا أنّها منزّلة منزلة العلم يجعل الشارع وأمره بالعمل بمؤدّاها وجعله إيّاها مرآة للواقع كالعلم.
لا يتوهّم : أنّه إذا لم يكن الطرق الظنّيّة بانفسها حججا ـ بل بجعل الشارع ـ فيكون مدار الحجّيّة فيما لم يكن حجّة بنفسه على جعل الشارع فتكون الطرق الظنّيّة والأمور غير المفيدة للظنّ أصلا سواء من حيث عدم حجيتهما في أنفسهما وحجّيّتهما بجعل الشارع فما الوجه في جعل الشارع الأولى حججا دون الثانية؟
لأن اعتبار الشارع ما لم يكن حجّة بنفسه وجعله حجّة معناه ـ كما أشير إليه ـ إنّما هو أمره بالعمل بمؤدّاه وجعله مرآة لتكليفه الواقعي وذلك لا يعقل في الثانية ؛ ضرورة أنه ليس لها مؤدّى ليأمر الشارع بالعمل به ؛ لعدم الكشف فيها أصلا فيرجع جعلها طرقا إلى جعل الشك طريقا وهو غير معقول.
وبالجملة : الطرق الظنّيّة صفة الطريقيّة ثابتة لها في انفسها كالعلم إلاّ ان الخاصيّة المترتبة على العلم ـ وهي السببيّة لقطع العذر ـ ليست لازمة لها كما في العلم ، بل انما هي بجعل الشارع فجعل الشارع مكمّل لطريقيّتها لا محدث لصفة الطريقيّة فيها.