يحكم بعدم وجوب العمل بمقتضى التكليف المحتمل ؛ من حيث قبح العقاب من غير بيان ، لا من حيث قبح التكليف بما لا يطاق.
كيف! ولا إشكال في حسن الاحتياط ورجحانه ، ولا خلاف من أحد فيه ، والأخبار المتضافرة ناطقة به ، مضافا إلى دلالة الكتاب والعقل عليه ، مع أنه لا فرق في قبح التكليف بما لا يطاق بين التكليف الوجوبي والاستحبابي اتفاقا ، فيكشف ذلك عن بطلان الاستناد في المقام إلى قاعدة قبح التكليف بما لا يطاق.
وممّا ذكرنا كلّه يظهر : أن ما أفاده بعد القول المتقدّم بقوله : « والحاصل : أن التكليف المجهول ... الى آخره » (١) لا محصّل له ؛ حيث إن المستند للقضية المذكورة ؛ يعني عدم صلاحية التكليف المشكوك لحمل المكلف بالعمل بمقتضاه إنما هو ما ارتكز في العقل من قبح العقاب من غير بيان ، أو ما دلّ من النقل على البراءة في مورد البحث. وأين هذا من قبح التكليف بما لا يطاق؟
والحاصل : أنه إن كان المراد من عدم إمكان الامتثال في موارد الشك في التكليف ، عدم إمكان الإتيان بالفعل بداعي الأمر المحقّق بحيث يقصد من الفعل امتثاله ، فهو أمر مسلّم لا نزاع فيه أصلا ، إلاّ أنّ أحدا لم يتوهّم القول بوجوب الفعل أو الترك في محل البحث بهذا العنوان.
وإن كان المراد منه عدم إمكان الامتثال رأسا وبالنسبة إلى جميع مراتبه
__________________
(١) فرائد الأصول : ج ٢ / ٥٨.