العقاب لا يجدي الخصم أيضا ؛ من حيث إن مفاد الأخبار على هذا التقدير مفاد حكم العقل بوجوب دفع الضّرر المحتمل ، وقد عرفت ورود دليل البراءة عليه ، وإن كان القول المذكور منظورا فيه ؛ من حيث إن ظاهرها بل صريحها احتمال التهلكة في كلّ شبهة. وهذا بخلاف حكم العقل في مسألة دفع الضّرر المحتمل ؛ فإنه حكم في موضوع كليّ يتبع تحقّقه في الخارج فيحصل الفرق بينها وبين حكم العقل في مسألة دفع الضّرر المحتمل هذا. مضافا إلى منافاة ما ذكر لموارد جملة منها كما لا يخفى.
ومن هنا توجّه السؤال بقوله : « فإن قلت : إن المستفاد منها احتمال التهلكة في كل محتمل التكليف ... الى آخره » (١).
وحاصله : أنّ الظاهر من الأخبار المتقدمة إعطاء الحكم في كلّ شبهة معلّلا باحتمال التهلكة فيه ، وظاهر التهلكة في لسان الشارع ما يعود إلى المكلف في الآخرة فيدلّ على احتمال الضّرر الأخروي في كل شبهة ، ولمّا كان الضّرر الأخروي معلولا لطلب شرعي مولويّ ولو كان ظاهريّا ، وكان الحكم المترتّب على احتمال الضّرر غير صالح لذلك ؛ ضرورة كونه إرشاديّا مضافا إلى كونه محمولا عليه ومعلولا له ، فكيف يصير علّة له ومؤثرا فيه؟
فلا محالة تكشف هذه الأخبار الكاشفة عن وجود احتمال العقاب في كل
__________________
(١) المصدر السابق.