أقول : لمّا كان مبنى الجواب بالتعارض والترجيح على تسليم دلالة أخبار التوقّف على وجوب الاحتياط توجّه الإيراد عليه بما أفاده : من أن التعارض الترجيح فرع كون الطائفتين في مرتبة واحدة ، وليس الأمر كذلك من حيث إن مفاد أكثر أخبار البراءة كمفاد أكثر أخبار البراءة كمفاد أكثر أدلّتها نفي المؤاخذة على ما لم يبيّنه الشارع أصلا ، لا واقعا ولا ظاهرا ، أو الترخيص فيما يكون كذلك. وإليه أشار بقوله : « فتلك الأدلة بالنسبة إلى هذه الأخبار من قبيل الأصل بالنسبة إلى الدليل » (١) فالمراد أنه لا تعارض بينهما حتى يلاحظ الترجيح.
نعم ، بعض أخبار البراءة كقوله : « كل شيء مطلق حتّى يرد فيه نهي » (٢) ظاهر في نفي وجوب التوقّف من حيث ظهوره ـ على ما عرفت الإشارة إليه ـ في كون الغاية ، العلم بورود النهي في عنوان الشيء ، لا فيه بعنوان أنه مجهول الحكم ، فيقع التعارض بينه وبين ما دلّ على وجوب التوقّف فيما لم يعلم فيه ورود الترخيص بعنوانه الخاص ، على تقدير تسليم دلالة أخبار التوقّف على هذا المعنى
__________________
نعم ، لو قيل في وجه تقديم أخبار التوقّف ردّا على المجيب بأنّها أقوى من جهة معاضدتها بسائر فرق أخبار الباب من أخبار الاحتياط وأخبار التثليث وقد بلغت في الكثرة إلى نيّف وسبعين ـ على ما في الوسائل ـ كان له وجه ، فتأمّل » إنتهى.
أنظر حاشية فرائد الأصول : ج ٢ / ١٣٤.
(١) فرائد الأصول : ج ٢ / ٧٤.
(٢) من لا يحضره الفقيه : ج ١ / ٣١٧ باب « استحباب البكاء من خشية الله في الصلاة » برقم ٩٣٧ ، عنه وسائل الشيعة : ج ٢٧ / ٦٧ باب « وجوب التوقف والاحتياط في ... » ـ ح ٦٧.