ثمّ إن المراد من العموم المنفي لأخبار التوقّف بالنسبة إلى المرسلة ليس ما يقتضيه ظاهر العبارة في باديء النظر ، بل المراد هو العموم الذي يجوز تخصيصه بالمرسلة ، فالمنفي هو العموم الخاص لا مطلق العموم ؛ ضرورة أن شمول أخبار التوقّف لما تعارض فيه النّصان وعدم شمول المرسلة له لا يوجب انقلاب النسبة ، ولعلّه الوجه في أمره بالتّأمّل عقيب ما أفاده من بيان النسبة وإن كان له وجه آخر سيأتي الإشارة إليه.
ثمّ إن الوجه فيما أفاده : هو أنه بعد ثبوت التلازم بين ما لا نصّ فيه على التحريم وما تعارض فيه النصّان حكما من جهة الإجماع من المجتهد والأخباري عليه ؛ حيث إن الحكم عند الأخباري هو وجوب التوقّف فيهما ، وعند المجتهد عدم وجوب التوقّف فيهما ، وإن حكموا في الأول بالإباحة ، وفي الثاني بالتخيير ، لو بني على تخصيص أخبار التوقّف بالمرسلة بالنسبة إلى ما لا نصّ فيه لزم طرحها بالنسبة إلى ما تعارض فيه النصّان أيضا ؛ نظرا إلى الملازمة فيلزم طرحها رأسا ، فهما بمنزلة المتباينين بهذه الملاحظة.
ومن هنا حكم بعدم عموم لأخبار التوقّف كما هو الشائع في باب تعارض الخاص والعام بحسب النّسبة المنطقيّة في باب التعارض.
نعم ، قوله : « يوجد في أخبار التوقف ... الى آخره » (١).
__________________
(١) فرائد الأصول : ج ٢ / ٧٥ هذا وفي الكتاب : يوجد في أدلة التوقف.