ولم تدروا حكمها فعليكم بالاحتياط حتى تسألوا وتعلموا ....
ثم إن قوله : « فعليكم بالاحتياط » (١) على هذا الوجه يحتمل وجهين :
أحدهما : أنه يجب ترك الإفتاء مطلقا من غير فرق بين الإفتاء بالحكم الواقعي والظاهري حتى بالاحتياط ، فلا بد أن يفرض الواقعة في غير محلّ الحاجة ، وإلاّ لم يكن معنى له. وهي بهذا المعنى تمنع من القولين في المسألة في الجملة ، فلا بدّ على كلا القولين من حملها على ما يتمكّن من تحصيل العلم بحكمه نوعا.
ودعوى : أن الأخباري يلتزم بمضمونها وإنما يترك الفعل لاحتمال الحرمة ، فاسدة بما عرفته وستعرف من فساد هذا التوهّم ، وأنه لا مناص للأخباري من الحكم بوجوب الاحتياط في مرحلة الظاهر. وأن النزاع القابل إنما هو في حكم المشتبه لا في دواعي الترك والفعل ، أو الإفتاء بخصوص الحكم الواقعي للواقعة ، فلا تعرّض لها للمنع عن الإفتاء بالحكم الظاهري بمقتضى الأصول فلا يجدي في المقام أصلا.
ثانيهما : أنه يجب الإفتاء بالاحتياط ، وهذا مع كمال بعده عن مساق الرواية كما هو ظاهر لا بد من تنزيلها على ما يمكن فيه الاحتياط. وهذا كما ترى ، مبنى الاستدلال بالرواية.
__________________
(١) المصدر السابق.