وبالجملة : النبوي على هذا الوجه ؛ يدل على إثبات الصغرى وبيانها والكبرى المطويّة المسلّمة إنما هو رجحان تبعيد النفس من الوقوع في الحرام إرشادا ليس إلاّ ، ولعله الظاهر من النبويّ ، سيّما بملاحظة سائر الأخبار المساوقة له الظاهرة فيه من دون تأمّل. فلا معنى للاستدلال به أصلا ؛ فإنه على هذا التقدير ظاهر في خصوص الندب كما هو ظاهر.
وأمّا الوجه الأول الذي عرفت كونه مبنى الاستدلال ، فيتوجّه عليه : أن الوقوع في الحرام الواقعي كيف ما كان ـ ولو لم يكن هناك بيان بالنسبة إليه وكان المكلف معذورا في مخالفته ـ لا يلازم العقاب والهلكة الأخروية لتطابق الأدلة الأربعة على نفي المؤاخذة والعقاب من دون بيان.
فلا بدّ من أن يكون المراد من الهلكة المعنى الأعمّ من المفسدة الدنيوية والأخروية ، ومن المعلوم أنّ هذا المعنى يستكشف من إثباته بالنبويّ ، وإنّما يلازم الطلب القدر المشترك الإرشادي فيتبع خصوصيّات هذا القدر المشترك خصوصيات الهلكة في الموارد الخاصّة.
فإن كان المحتمل العقاب كما في الشبهة المحصورة ونحوها من موارد عدم العذر ، فيحكم العقل بوجوب الاحتياط إرشادا ، وإن كان غيره من المفاسد الكامنة في الأفعال فيحكم العقل بحسن الاحتياط فهذا النبويّ لا يجدي في إثبات الموضوع ولا في إثبات محموله في الموارد الشخصيّة ، على ما أسمعناك في طيّ ما قدمناه لك فراجع.