وإن كان الزعم المذكور فاسدا ؛ نظرا إلى وضوح المراد لمن أعطى النظر إلى أطراف كلماته ، فإن المراد ليس التمسك بالآية الشريفة ، بل المراد التمسّك بما هو مركوز في النفوس من وجوب إطاعة خطابات الشارع بالوجوب الإرشادي الذي أكّده الآية الشريفة ، وليس مدلولها حكما تأسيسيّا من الشارع ، بل هو تأكيد لحكم العقل كما يدلّ عليه قوله : « ونحوه » (١) فتدبّر.
وأمّا قوله : « لأن الاشتغال اليقيني ... الى آخره » فليس الغرض منه التمسّك بالإجماع الاصطلاحي ، بل الغرض أن اقتضاء الشغل اليقيني في حكم العقل البراءة اليقينيّة ممّا اتّفق عليه الكل ولا منازع فيه أصلا من الفريقين ، فالغرض من قوله : « ويجب بمقتضى قوله تعالى » الإشارة إلى وجوب إطاعة الخطابات المعلومة. ومن قوله : « لأن الاشتغال اليقيني » إثبات أن الواجب في حكم العقل من مراتب الإطاعة في المقام ، الإطاعة العلميّة فهو دليل للزوم الخروج عن عهدة مخالفة النواهي المعلومة بعد تنجّزها ووجوب إطاعتها بأحد الوجهين ، لكن الأولى مع ذلك تحرير المقام بما عرفته ، فاستفادة المراد منه لا تحتاج إلى تكلّف أصلا.
__________________
(١) فرائد الأصول : ج ٢ / ٨٧.