بالنسبة إلى المعلوم بالإجمال في حكم العقل ، كما صرّح به مرارا في أجزاء « الكتاب » من غير فرق بين الشبهة الحكميّة والموضوعيّة ، فغير القادر على تحصيل العلم بالواقع مع إمكان الاحتياط في حقّه ، مكلّف فعلا بالواقع المجهول.
ومن هنا بني على وجوب الاحتياط في صورة المتباينين من الشك في المكلّف به وفاقا للمشهور خلافا لبعض المحقّقين القائل بالمقالة المذكورة : من منع تكليف غير القادر على تحصيل العلم التفصيلي فعلا بالواقع المجهول كما ستقف على شرح القول فيه.
وأمّا نصب الطّرق وجعلها ، فليس الغرض منه إلاّ تسهيل الأمر على المكلّف في ترتيب آثار الواقع على مؤدّياتها في مواردها ما دامت قائمة ، فلا ينافي رعاية الواقع في موارد خلت عنها ، وثبوت الجعل للطّرق مع جعل الواقع لا يثبت رفع الشارع اليد عن الواقع فعلا وقناعته في الامتثال عن الواقعيّات بموارد الطّرق القائمة على التكليف ، إلاّ بأحد وجهين عرفتهما في توضيح الجواب عن السؤال في تقريب الدليل. كيف! ولو بني الأمر عليه ، لزم بطلان الرجوع إلى الأصول وجعلها رأسا حتى البراءة ؛ فإنه يحكم بمقتضى أدلّة الأمارات بعدم التكليف الفعلي في موارد فقدها ، فلا يطلب هناك واقع حتى يحكم بإثباته بالأصل أو نفيه به فتدبّر.
اللهمّ إلاّ أن يستفاد من مجموع أدلّة اعتبار الأمارات الكافية في الفقه ، كما هو المفروض قناعة الشارع عن امتثال الواقع في موارد وجودها بامتثالها فتأمل.