أقول : لا يخفى عليك : أن الأولى أن يجاب أولا بالنقض بالشبهات الحكميّة الوجوبيّة ؛ فإنها أيضا من موارد العلم الإجمالي الكلي كما هو ظاهر ، مع أن جلّ الأخباريين التزموا فيها بالرجوع إلى البراءة ولم يوجبوا الاحتياط كما ستقف عليه.
وأمّا ما أجاب به عن الدليل أولا في « الكتاب » فقد يناقش فيه : برجوعه إلى ما أفاده بعض أفاضل مقاربي عصرنا في « الفصول » (١) لإثبات حجيّة الظن في خصوص الطريق.
وقد أوضح فساده بما لا مزيد عليه في الجزء الأول من « الكتاب » في الأمر الأول من تنبيهات دليل الانسداد (٢) ؛ فإن حاصل القول بانقلاب التكليف الفعلي إلى مؤدّيات الطرق المجعولة ، ورجوع الجعلين إلى جعل واحد إلى ما أفاده شيخنا قدسسره في الجواب الأول ، وابتناء الجواب على مذهبه خلاف الظاهر جدّا ، فيتوجّه عليه : أن العلم الإجمالي مع تيقّن بعض أطرافه ، موجب لتنجّز الخطاب
__________________
وقال المحقق صاحب قلائد الفرائد ( ج ١ / ٣٦٠ ) :
« أقول : هنا جواب آخر : وهو النقض بالشبهات الوجوبيّة فإنّا نعلم أيضا بطريق الإجمال بوجود واجبات في الشريعة ولا تحصل البراءة اليقينيّة عنها إلاّ باتيان كل ما يحتمل الوجوب » إنتهى. [ التعليقة رقم : ٦١١ ].
(١) الفصول الغرويّة : ٢٧٧.
(٢) فرائد الأصول : ج ١ / ٤٣٩.