اختلفوا في ثبوت الحكم التخييري والإباحة للعقل ، وجعلوا محله ومورده الأفعال الغير الضروريّة للتعيّش ، المشتملة على المنفعة ، الخالية عن أمارة المفسدة قبل الاطلاع على حكم الشارع ؛ فإن الكلام من حيث حكم العقل ، فالأكثر على ثبوته واستقلال العقل في الحكم به ، وإن اختلفوا بين كون حكمه بالإباحة واقعيّة ، أو ظاهريّة ، وغير واحد على منعه ، منهم : المفيد والسيّدان (١) من أصحابنا.
وقد اختلف القائلون بالمنع في أنه هل يحكم بالحظر في مرحلة الواقع ، أو الظاهر ، أو لا يحكم بشيء لا إباحة ولا حظر ، أو هذا معنى كون الأشياء على الوقف عند العقل لا أنه يحكم بالوقف؟ كما يتوهّمه الجاهل بمقالتهم.
وقد ذهب بعض القائلين بالوقف في الأشياء من جهة العقل :
إلى الحكم بالإباحة فيها من جهة الشرع لعدم التنافي أصلا ، بل القول المذكور لا تعلّق له حقيقة بالمسألة المبحوث عنها ، إلاّ أن يكون لازم الوقف الحكم بالاحتياط من جهة الشرع عند بعضهم.
وآخر : إلى الحكم بالإباحة الواقعية من جهة العقل بملاحظة ثانوية وقاعدة أخرى ، وهي قاعدة اللطف ؛ من جهة أنه لو كان في الفعل مفسدة آجلة ، لوجب من باب اللطف على الحكيم بيانها.
ومن هنا أجاب عن هذه المقالة في « العدّة » : بأنه ربّما يكون في البيان
__________________
(١) المرتضى وابن زهرة عليها الرحمة.