بَيْضَاءَ صَافِيَةً تُضِيءُ ، فَحَمَلَهُ آدَمُ عليهالسلام عَلَى عَاتِقِهِ إِجْلَالاً لَهُ وَتَعْظِيماً ، فَكَانَ إِذَا أَعْيَا (١) حَمَلَهُ عَنْهُ جَبْرَئِيلُ عليهالسلام حَتّى وَافى بِهِ مَكَّةَ ، فَمَا زَالَ يَأْنَسُ بِهِ بِمَكَّةَ ، وَيُجَدِّدُ الْإِقْرَارَ لَهُ كُلَّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ.
ثُمَّ إِنَّ اللهَ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ لَمَّا بَنَى الْكَعْبَةَ ، وَضَعَ الْحَجَرَ فِي ذلِكَ الْمَكَانِ ؛ لِأَنَّهُ (٢) ـ تَبَارَكَ وَتَعَالى ـ حِينَ (٣) أَخَذَ الْمِيثَاقَ مِنْ وُلْدِ آدَمَ ، أَخَذَهُ فِي ذلِكَ الْمَكَانِ ، وَفِي ذلِكَ الْمَكَانِ أَلْقَمَ الْمَلَكَ الْمِيثَاقَ ، وَلِذلِكَ وَضَعَ فِي ذلِكَ الرُّكْنِ ، وَنَحّى (٤) آدَمَ مِنْ مَكَانِ الْبَيْتِ إِلَى الصَّفَا ، وَحَوَّاءَ إِلَى الْمَرْوَةِ ، وَوَضَعَ الْحَجَرَ فِي ذلِكَ الرُّكْنِ (٥) ، فَلَمَّا نَظَرَ آدَمُ مِنَ الصَّفَا وَقَدْ وُضِعَ الْحَجَرُ فِي (٦) الرُّكْنِ ، كَبَّرَ اللهَ وَهَلَّلَهُ وَمَجَّدَهُ فَلِذَلِكَ (٧) جَرَتِ السُّنَّةُ بِالتَّكْبِيرِ وَاسْتِقْبَالِ الرُّكْنِ الَّذِي فِيهِ الْحَجَرُ مِنَ الصَّفَا ؛ فَإِنَّ اللهَ أَوْدَعَهُ الْمِيثَاقَ وَالْعَهْدَ (٨) دُونَ غَيْرِهِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ ؛ لِأَنَّ اللهَ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ لَمَّا أَخَذَ الْمِيثَاقَ لَهُ بِالرُّبُوبِيَّةِ وَلِمُحَمَّدٍ صلىاللهعليهوآلهوسلم بِالنُّبُوَّةِ (٩) وَلِعَلِيٍّ عليهالسلام (١٠) بِالْوَصِيَّةِ ، اصْطَكَّتْ (١١) فَرَائِصُ (١٢) الْمَلَائِكَةِ ، فَأَوَّلُ مَنْ
__________________
(١) يقال : أعيا الماشي ، أي كَلَّ وثقل ، يستعمل لازماً ومتعدّياً. راجع : المصباح المنير ، ص ٤٤١ ؛ القاموسالمحيط ، ج ٢ ، ص ١٧٢٥ ( عيى ).
(٢) في « ظ ، بث ، بس ، جد » وحاشية « بح » والوافي والوسائل : « لأنّ الله ».
(٣) في الوافي عن بعض النسخ : « لمّا ».
(٤) قرأه في المرآة : « يجيء » ، ثمّ قال : « كذا في أكثر النسخ ، والأصوب : نحّى ، من التحنية بمعنى التبعيد ، وكذا في العلل أيضاً. وفي بعض النسخ : لجاء ، وهو أيضاً تصحيف ».
(٥) في « بح » : ـ « ونحّى آدم ـ إلى ـ ذلك الركن ».
(٦) في الوافي : + « ذلك ».
(٧) في « بخ » : « ولذلك ».
(٨) في « بس » : ـ « والعهد ».
(٩) في الوافي : « بالرسالة والنبوّة ».
(١٠) في « جن » : « وعليّ ».
(١١) « اصطكّت » ، أي اضطربت ؛ من الصَّكَك ، وهو اضطراب الركبتين والعُرقوبين من الإنسان وغيره. راجع : لسان العرب ، ج ١٠ ، ص ٤٥٦ ؛ القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٢٥٣ ( صكك ).
(١٢) الفرائص : جمع الفريصة ، وهو اللحمة التي بين جنب الدابّة وكتفها لا تزال تُرْعَد. راجع : الصحاح ، ج ٣ ، ص ١٠٤٨ ؛ النهاية ، ج ٣ ، ص ٤٣١ ( فرص ).