الْمِيثَاقَ ، كَانَ (١) أَوَّلَ مَنْ آمَنَ بِهِ وَأَقَرَّ ذلِكَ الْمَلَكُ ، فَاتَّخَذَهُ اللهُ أَمِيناً عَلى جَمِيعِ خَلْقِهِ ، فَأَلْقَمَهُ (٢) الْمِيثَاقَ ، وَأَوْدَعَهُ عِنْدَهُ ، وَاسْتَعْبَدَ الْخَلْقَ أَنْ يُجَدِّدُوا عِنْدَهُ فِي كُلِّ سَنَةٍ الْإِقْرَارَ بِالْمِيثَاقِ وَالْعَهْدِ الَّذِي أَخَذَ اللهُ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ عَلَيْهِمْ.
ثُمَّ جَعَلَهُ اللهُ مَعَ آدَمَ فِي الْجَنَّةِ يُذَكِّرُهُ الْمِيثَاقَ ، وَيُجَدِّدُ عِنْدَهُ الْإقْرَارَ فِي كُلِّ سَنَةٍ ، فَلَمَّا عَصى آدَمُ وَأُخْرِجَ مِنَ (٣) الْجَنَّةِ ، أَنْسَاهُ اللهُ الْعَهْدَ وَالْمِيثَاقَ الَّذِي أَخَذَ (٤) اللهُ عَلَيْهِ وَعَلى وُلْدِهِ لِمُحَمَّدٍ صلىاللهعليهوآلهوسلم وَلِوَصِيِّهِ عليهالسلام ، وَجَعَلَهُ تَائِهاً (٥) حَيْرَانَ.
فَلَمَّا تَابَ اللهُ (٦) عَلى آدَمَ ، حَوَّلَ ذلِكَ الْمَلَكَ فِي صُورَةِ دُرَّةٍ بَيْضَاءَ ، فَرَمَاهُ مِنَ الْجَنَّةِ إِلى آدَمَ عليهالسلام وَهُوَ بِأَرْضِ الْهِنْدِ ، فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهِ ، آنَسَ إِلَيْهِ وَهُوَ لَايَعْرِفُهُ بِأَكْثَرَ مِنْ أَنَّهُ جَوْهَرَةٌ ، وَأَنْطَقَهُ (٧) اللهُ عَزَّ وَجَلَّ ، فَقَالَ لَهُ : يَا آدَمُ ، أَتَعْرِفُنِي (٨)؟ قَالَ : لَا ، قَالَ : أَجَلْ ، اسْتَحْوَذَ (٩) عَلَيْكَ الشَّيْطَانُ ، فَأَنْسَاكَ ذِكْرَ رَبِّكَ.
ثُمَّ تَحَوَّلَ إِلى صُورَتِهِ الَّتِي كَانَ مَعَ آدَمَ فِي الْجَنَّةِ ، فَقَالَ لآِدَمَ : أَيْنَ الْعَهْدُ وَالْمِيثَاقُ؟ فَوَثَبَ إِلَيْهِ (١٠) آدَمُ ، وَذَكَرَ الْمِيثَاقَ ، وَبَكى ، وَخَضَعَ لَهُ ، وَقَبَّلَهُ ، وَجَدَّدَ الْإقْرَارَ بِالْعَهْدِ وَالْمِيثَاقِ (١١) ، ثُمَّ حَوَّلَهُ (١٢) اللهُ (١٣) ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ إِلى جَوْهَرَةِ الْحَجَرِ دُرَّةً
__________________
(١) في « بث ، بخ ، جد ، جن » : ـ « كان ».
(٢) في « بخ ، بف » والوافي : « وألقمه ».
(٣) في « ظ ، ى ، بث ، بح ، بخ ، بس ، بف ، جد » والوافي : « عن ».
(٤) في « بس ، جن » : « أخذه ».
(٥) في العلل : « باهتاً ». وقوله : « تائهاً » ، أي متحيّراً ضالاًّ. راجع : الصحاح ، ج ٦ ، ص ٢٢٢٩ ؛ لسان العرب ، ج ١٣ ، ص ٤٨٢ ( تيه ).
(٦) في « بث ، بخ ، بف ، جن » والوافي والعلل : ـ « الله ».
(٧) في « بخ ، بس ، بف » والوافي : « فأنطقه ».
(٨) في « ظ ، جد » : « تعرفني » بدون همزة الاستفهام.
(٩) قال الجوهري : « استحوذ عليه الشيطان ، أي غلب ». الصحاح ، ج ٢ ، ص ٥٦٣ ( حوذ ).
(١٠) « فوثب إليه » ، أي قام إليه ، من الوثوب بمعنى النهوض والقيام في غير لغة حمير ، وفي لغتهم بمعنى القعود والاستقرار. راجع : النهاية ، ج ٥ ، ص ١٥٠ ؛ لسان العرب ، ج ١ ، ص ٧٩٢ ( وثب ).
(١١) في « بح » : ـ « فوثب إليه ـ إلى ـ والميثاق ».
(١٢) في « ى » : « حوّل ».
(١٣) في « بس » : ـ « الله ».