فظهر من جميع ما ذكرنا ضعف القول الثاني ، فتعيّن البناء على الأخبار والأدلة.
وقد يقال : إنه بعد التعارض بين الأخبار (١) المذكورة لا بدّ من الجمع بينها مهما أمكن ، وأقرب محاملها حمل الأخبار الأوّلة على التيمّم الواقع بدلا من الوضوء ، والأخيرة على بدل الغسل. وهذه هي حجة القول بالتفصيل.
وقد يذكر شاهدا على القول المذكور امور :
منها : شهرة القول به بين الأصحاب قديما وحديثا ، بل قد حكي الإجماع عليه حيث عدّه الصدوق في أماليه (٢) من دين الإمامية.
وصرّح الشيخان الجليلان في التبيان (٣) ومجمع البيان (٤) بكونه مذهبنا.
وربما يظهر ذلك من الشيخ في التهذيب (٥) على ما قيل ، والإجماعات المذكورة كافية في الجمع بين الأخبار. ومع الغض عنها فالشهرة قد رجّحت العمل بكلّ منهما في موردها ، فيتقوى على الآخر في خصوص ذلك ، فيقيّد (٦) بملاحظة ذلك كل من الخبرين بالآخر.
وتوضيحه أن ما دلّ على المرة يعمل به في الوضوء ؛ لاعتضاده بالشهرة في خصوصه وكذا ما دلّ على المرتين بالنسبة إلى الغسل ، ودلالة الأول على الاكتفاء بها في الغسل أضعف من دلالة الأخيرة على عدمه ، وكذا العكس ، فيقيّد كل من الإطلاقين بالآخر ، وهو المدّعى.
ومنها : أن غاية ما يتخيل في أخبار المرتين أن تحمل على التقية بالنسبة إلى الوضوء ؛ لموافقته لمذهب العامّة ، وعدم شهرة القول به عندنا ، بل مخالفته (٧) لأخبارنا في الجملة ، ولا يلزم من ذلك حملها على التقيّة بالنسبة إلى البدل عن الغسل ، فهي بالنسبة إلى ذلك حجة ،
__________________
(١) في ( ألف ) هنا زيادة : « والأدلة وقد يقال إنّه بعد التعارض بين الأخبار ».
(٢) الأمالي للشيخ الصدوق : ٧٤٤.
(٣) التبيان ٣ / ٢٠٨.
(٤) مجمع البيان ٣ / ٩٤.
(٥) انظر تهذيب الأحكام ١ / ٢١١.
(٦) في ( د ) : « فيتقيّد ».
(٧) في ( ب ) : « مخالفة ».