ويشكل بأن لفظ « الغسل » ليس من الألفاظ المتشرعة كسائر الألفاظ مما يرجع في معناه إلى العرف ، وقد انتقل معناه في كثير من كتب اللغة إلى العرف لوضوحه وعدم خروجه في العرف عن معناه الأصلي ، وبعد الرجوع إليه لا يعرف وجه لاعتبار العصر فيه ، بل الظاهر خلافه.
غاية الأمر اعتبار تجاوز الماء عنه في الجملة كما مرّ في تحديد الشيخ والحلي ، وهو أعمّ من العصر.
وبه يفرق بينه وبين مطلق الصبّ ، بل قد يتأمل أيضا في ذلك لعدم اعتباره شرعا وعرفا في الغسل بالكثير ، بل مجرد إدخاله فيه واستيلائه عليه يعدّ غسلا إلا أن يقال بحضور التجاوز مع الكثرة وإن لم يحسن به.
وفيه : أنه غير لازم ، بل يقطع (١) بخلافه كما إذا وضع الثوب المتنجس في الكثير ورفع من حينه أو وضع كرّ من ماء على ثياب كثيرة بحيث يجري الماء فيها من دون زيادة ، فإنّ الظاهر حصول الطهارة بذلك إذا خلّي المحل عن غير النجاسة ، والقول بعدم الملازمة بينه وبين حصول الغسل بعيد جدا ، بل ولا وجه له أصلا.
هذا ، وقد يقال بأن المتعارف في غسل الثياب ونحوها من القذارات أو النجاسات هو ما كان مع العصر ، فينصرف إليه الإطلاقات ، ولا أقل من الشكّ في ذلك الباعث على لزوم مراعاة الاحتياط فيه ؛ لأصالة بقاء النجاسة إلا فيما ثبت عدم اعتباره فيه.
الثالث : اعتباره في غير واحد من الأخبار كالحسنة المذكورة ، وفيها : عن (٢) الصبي يبول على الثوب ، قال : « يصبّ عليه ثم يعصره » (٣).
والقول بمتروكيّته لعدم وجوب العصر في بول الصبي يدفعه أنها محمولة على الصبي المتغذي بالطعام ، والاكتفاء بالصبّ إنما هو في المتغذي به ، فيحمل المطلق على المقيّد ، وهو لا
__________________
(١) في ( د ) : « قد يقطع ».
(٢) في ( د ) : « وعن ».
(٣) الكافي ٣ / ٥٥ ، باب البول يصيب الثوب أو الجسد ، ح ١.