والاجتهاد مع التمكّن منهما.
ومنها : ما إذا شكّ العامّي القريب من الاجتهاد في الحكم الشرعي فإنّه جوّز له التقليد ولم يوجب له الاجتهاد مع التمكّن منه.
ومنها : غير ذلك.
وبالجملة : تجويز العمل بغير العلم مع التمكّن من تحصيل العلم أمر لا يحكم العقل بامتناعه ، فإنّ الأحكام الشرعيّة تابعة للمصالح ولذا تختلف باختلاف الأزمنة والأمكنة والأحوال والأشخاص ، ولا امتناع في تحقّق مصلحة وإن لم نعلمها تفصيلا.
لا يقال : إنّ العقل إنّما يحكم بذلك حيث لم يرد من الشرع ما يقتضي خلافه كما في محلّ البحث.
لأنّا نقول : لا نسلّم أنّ محلّ البحث من هذا القبيل ، فإنّ القائل بجواز التقليد يدّعي قيام الدليل الشرعي على جواز التقليد هنا ، على أنّ الدليل المذكور على هذا التقرير يرجع إلى الدليل الأوّل ، ويكون حاصله : أنّ الأصل عدم جواز التقليد هنا ، فتأمّل.
وإن اريد أنّ الإجماع واقع على ذلك وإن لم يحكم العقل به ، ففيه : أنّ الإجماع ممنوع في محلّ البحث ، ومع ذلك فدعوى التمكّن من العلم بالحكم الشرعي الواقعي هنا على الإطلاق ممنوعة ، إذ قد يعلم بعدم التمكّن منه.
وإن اريد من ذلك العلم بوجوب العمل وبالحكم الظاهري فالمجوّزون للتقليد هنا يدّعونه فلا فرق.
وبالجملة : إن كان المقصود أنّه إذا لم يقم دليل على جواز التقليد هنا فالأصل وجوب الاجتهاد فهو مسلّم ولا خلاف فيه ، ولكن لا يكون ذلك حجّة على المخالف له عند قيام الدليل ، وإن كان المقصود أنّه لا يجوز ذلك ويكون ممّا يستحيل فرض صدوره من الشرع فهو باطل » انتهى.
وهذا كما ترى ليس في محلّه لابتنائه على الخلط والالتباس في حقيقة المراد ، فإنّ العقل يستقبح من المكلّف أن يكتفي في مقام امتثال الأحكام المعلومة بما يشكّ في كونه حكما فعليّا في حقّه بعد ما كان عالما بحكمه الفعلي أو متمكّنا عن العلم به ، وهذا ليس من تجويز الشرع في بعض المقامات من الاكتفاء بغير المعلوم في شيء ، فإنّ ذلك جائز من الشارع لمصلحة لاحظها لكن ثبوته في كلّ مقام يتبع الدليل الخاصّ بهذا المقام كما في