يلزم من إجرائه كذلك بالقياس إلى ظنون المجتهد نفسه على ما قرّر في تتميم دليل الانسداد ، من جهة أنّ ذلك ثمّة إنّما كان لازما لأجل انحصار العلم الإجمالي في الوقائع المظنونة.
والمفروض أنّ طريق العلم الإجمالي هاهنا ليس منحصرا في فتاوى مجتهد آخر ، لأنّ له طريقا آخر وهو أخذه بمؤدّى اجتهادات نفسه فيحصل التديّن وامتثال العلم الإجمالي باتّباع مؤدّى اجتهاداته البتّة وإلاّ خرج الفرض عن محلّ البحث.
وإن اريد به الحكم الفعلي ، ففيه : أنّ الظنّ بفعليّة فتوى هذا المجتهد المستتبع لترتّب العقاب والضرر على المخالفة لا يجامع العلم بجواز الاجتهاد لنفسه وصحّة هذا الاجتهاد لو حصل ، بل معنى الظنّ المذكور عند التحقيق الظنّ بعدم جواز الاجتهاد وعدم صحّته لو حصل ، ومرجعه إلى الظنّ بعدم أهليّته للاجتهاد فيكون الفرض مخرجا له عن محلّ البحث ، لأنّ تكليفه مع الشكّ في أهليّة الاجتهاد هو التقليد فيكف مع الظنّ بعدم الأهليّة.
وسابعها : أنّه لو وجب على المجتهد المفروض الاجتهاد في المسائل الّتي لم يجتهد فيها ولم يجز له التقليد فيها لوجب عليه في مدّة طويلة كعشرة سنين أو عشرين أو ثلاثين سنة ترك الاشتغال بجميع الامور الّتي تنافي الاجتهاد من الأكل والشرب والنوم والجماع والمصاحبة والعشرة مع العباد والمسافرة والمعاملة ونحو ذلك إلاّ بقدر الضرورة ، ولوجب عليه تأخير الصلاة ونحوها من العبادات الموسّعة إلى وقت الإمكان ، والثاني باطل فكذا المقدّم.
أمّا الملازمة : فلأنّ ما لا يتمّ الواجب إلاّ به فهو واجب مع احتياج المكلّف إلى معرفة المسائل الكثيرة الّتي لا تكاد تحصى ، كمسائل الوضوء والغسل والتيمّم وإزالة النجاسة والصلاة والبيع ونحو ذلك ممّا لا يتمكّن من الاجتهاد في جميعها في يوم أو يومين بل شهر أو شهرين بل سنة أو سنتين بل عشرين وثلاثين سنة ، خصوصا بالنسبة إلى صاحب الأذهان الدقيقة والأفهام العميقة.
وأمّا بطلان التالي فلوجوه :
الأوّل : أنّا لم نجد أحدا من المتقدّمين والمتأخّرين من مجتهدي الخاصّة والعامّة من ضيّق على نفسه الأمر بعد بلوغه رتبة الاجتهاد في شطر من الزمان هذا التضييق وترك الاشتغال بجميع المنافيات ، وأخّر العبادات إلى آخر وقتها من هذه الجهة ، بل نراهم يؤخّرون الاجتهاد بالسفر المباح والأفعال الغير الضروريّة ويتسامحون فيه غاية المسامحة ، ولم نجد