والجواب : منع هذا الإجماع ، كيف وحجّيّة خبر الواحد معركة للآراء.
نعم هاهنا إجماع نقله الشيخ على خصوص الأخبار المرويّة عن أئمّتنا المعصومين بطرق أصحابنا ، وهو لا ينفع المقام لأنّه منقول ، مع عدم اندراج المقام في مورده ، هذا مع منع الأولويّة على فرض صحّة الإجماع لوضوح الفرق بين الخبر عن حسّ والخبر عن حدس واجتهاد ، والإجماع إنّما يسلّم في الأوّل والثاني يفارقه في قوّة احتمال الخطأ فلا يكون أولى منه في الحكم.
وسادسها : أنّه إذا ظنّ المجتهد بفتوى مجتهد آخر فقد ظنّ أنّ حكم الله تعالى ذلك ، فيحصل ظنّ العقاب بترك العمل فيجب العمل دفعا للضرر المظنون.
والجواب : أنّ ظنّه بفتوى مجتهد آخر المستلزم لظنّه بأنّه حكم الله إن اريد به ظنّه بحكم الله بسبب فتوى ذلك المجتهد على أن تكون الفتوى ملحوظة من باب الطريقيّة على حدّ سائر طرق الظنّ وأماراتها فهو داخل حينئذ في ظنونه الاجتهاديّة الّتي لها أسباب منها فتوى الفقيه ، ولزوم اتّباعه ـ لو دلّ عليه دليل ـ لا ينافي كونه متعبّدا باجتهاد نفسه من غير أن يكون ذلك تعبّدا بفتوى الغير من حيث إنّه فتوى الغير.
وإن اريد به ظنّه به على وجه تكون عنوان فتوى الغير ملحوظا من باب الموضوعيّة.
ففيه ـ مع بعد اتّفاق حصول الظنّ بهذا العنوان ، مضافا إلى عدم إناطة الأمر في التقليد بالظنّ فوجوده بمنزلة عدمه ـ : أنّه إن اريد بالحكم المظنون كونه حكم الله الحكم الواقعي المجعول للواقعة بحسب نفس الأمر القابل لأن يكون مع ذلك حكم الله الفعلي في مقام العمل الواجب اتّباعه في مقام الامتثال وعدمه ، ففيه : أنّ الظنّ به من هذه الجهة لا ينافي الشكّ في كونه الحكم الفعلي الواجب اتّباعه وعدمه كما هو المفروض ، فحصول ظنّ العقاب حينئذ غير معقول ، ضرورة أنّ العقاب من لوازم مخالفة الحكم الفعلي والظنّ باللازم لا يجامع الشكّ في الملزوم كما لا يخفى.
بل لنا أن نقول : إنّ مجرّد الشكّ في الملزوم يكفي في القطع بانتفاء اللازم هنا ، نظرا إلى ما تقدّم من الأدلّة القطعيّة على أنّ الظنّ بنفسه لا يصلح ميزانا للحكم الشرعي.
ومع الغضّ عن ذلك فأصل البراءة الجاري في نظائر المقام يؤمننا عن العقاب فلا ضرر حينئذ ليجب دفعه ، ولا يلزم من إجراء أصل البراءة في جميع الوقائع ـ لو فرض حصول الظنّ له في كلّ واقعة واقعة أفتى بها المفتي ـ الخروج عن الدين والمخالفة القطعيّة كما كان