بمراد من العبارة المذكورة جزما.
فالوجه حينئذ أن يكون المراد بالقبول معناه الثاني ، وعلى هذا التقدير فإن أخذ العطف تفسيريّا و « ظنّه » في المقدّمة الثانية بمعنى الظنّ الاصولي ، فيرد عليه : أنّ موضوع القضيّة في المقدّمة الاولى لا يرتبط بمحمولها ، فإنّ المأخوذ في الموضوع الظنّ بالمساواة والمأخوذ في المحمول هو العلم بالمساواة ، نظرا إلى أنّ العلم بقبول الاجتهاد للتجزئة معناه العلم بمساواة المتجزّي للمجتهد المطلق ، فيؤول معنى القضيّة إلى أن يقال : علم المتجزّي بجواز عمله بظنّ المساواة للمجتهد المطلق موقوف على علمه بالمساواة للمجتهد المطلق ، وهذا كما ترى كلام سفهيّ ، ويلزم ذلك أيضا لو أخذ « ظنّه » في المقدّمة الثانية بالمعنى الأعمّ من الاصولي والفروعي.
ومع ذلك نقول : بمنع كون دليله الدالّ على المساواة ظنّيا بل قد يكون علميّا ، وعلى تسليم كونه ظنّيا فالعلم بصحّة العمل به لا يتوقّف على العلم بقبول الاجتهاد للتجزئة ، بل على ما دلّ من الدليل العلمي على حجّية الظنّ في المسائل الاصوليّة.
وإن فسّرنا العلم بقبول الاجتهاد للتجزئة بالعلم (١) بمساواة المتجزّي للمطلق في جواز العمل بالظنّ.
فإن اريد بهذا الظنّ خصوص الظنّ الاصولي فيلزم فوات المغايرة فيما بين الموقوف والموقوف عليه في كلّ من المقدّمتين على تقدير كون المراد بالظنّ في المقدّمة الثانية الظنّ الاصولي أيضا ، وهذا خارج عن ضابطة الدور كما لا يخفى.
وإن اريد به ما يعمّ الاصولي والفروعي وكذلك بالظنّ المأخوذ في المقدّمة الثانية يلزم فوات المغايرة بالنسبة إلى أحد فردي هذا العامّ وهو الظنّ الاصولي ويمنع التوقّف بالنسبة إلى فرده الآخر وهو الظنّ الفرعي ، على معنى منع توقّف العلم بجواز العمل بالظنّ في المسألة الاصوليّة على العلم بجواز العمل به في المسألة الفرعيّة بل كلّ يتوقّف على دليله ، وعلى فرض اتّحاد الدليل فيهما بناء على بعض الوجوه المتقدّمة في الأمر الثالث فالدور فيهما مسلّم لكنّه دور معي ، لكونهما معلولي علّة ثالثة مشتركة بينهما لا دور توقّفي ليكون محالا.
وإن أخذ العطف غير تفسيري فلا بدّ وأن يؤخذ الظنّ في المقدّمة الثانية بالمعنى الأعمّ ، فإن أخذ الظنّ في معنى قبول الاجتهاد للتجزئة حسبما ذكرناه في تفسيره بالمعنى الأعمّ
__________________
(١) وفي الأصل : « العلم » ، وما أثبتناه أنسب بالسياق.