إلاّ أن يوجّه : بأنّ المراد بـ « ظنّه » في المقدّمة الاولى خصوص الظنّ في المسائل الفرعيّة والدليل الظنّي ظنّ في المسألة الاصوليّة بالخصوص ، وب « ظنّه » في المقدّمة الثانية ما يعمّ الظنّ في المسائل الفرعيّة والظنّ في المسألة الاصوليّة ، فيكون المراد منه ما يعمّ المعطوف والمعطوف عليه معا.
وكيف كان فعبارة هذا التقرير تحتمل وجوها ترتقي إلى ثمانية ، إذ العطف في المقدّمة الاولى يحتمل كونه للتفسير ولغيره ، وقبول الاجتهاد للتجزئة المأخوذ في تلك المقدّمة محتمل لمعنيين نظرا إلى أنّ هذا اللفظ في كلامهم قد يطلق ويراد منه قبوله لها بحسب الإمكان ، على معنى إمكان التجزئة في الاجتهاد عقلا ، وقد يطلق ويراد منه قبوله لها بحسب الشرع ، على معنى كون ظنّ المتجزّي جائز العمل شرعا ، فمرتفع وجهي العطف في معنيي القبول أربع ، ثمّ لفظة « ظنّه » في المقدّمة الثانية أيضا تحتمل كون المراد به ما يعمّ الظنّ الاصولي والظنّ الفرعي وما لا يعمّ إلاّ الظنّ الاصولي ، فمرتفع الأربع المذكورة في هذين ثمانية ، غير أنّ احتمال القبول الإمكاني بجميع وجوهه الأربع ساقط جدّا ، لمنع التوقّف تارة في المقدّمة الاولى واخرى في المقدّمة الثانية.
أمّا الأوّل : فلأنّ العلم بصحّة العمل بالظنّ كثيرا مّا يحصل مع الشكّ في إمكان قبول الاجتهاد للتجزئة ، بل ومع الظنّ بعدم إمكانه فضلا عن الظنّ بإمكانه ، بل ومع العلم بعدم الإمكان ، نظرا إلى أنّ قضيّة صحّة العمل بالظنّ في جميع تلك الصور مفروضة من باب الشرطيّة.
ومن البيّن أنّ كذب الشرط لا يستلزم كذب الشرطيّة ، فيقال : إنّ ظنّ المتجزّي على تقدير إمكانه وحصوله ممّا يصحّ العمل به جزما ، وهذا كما ترى لا ينافي عدم إمكان حصول الظنّ له.
وأمّا الثاني : فلأنّ العلم بالقبول الإمكاني كثيرا مّا يحصل مع عدم العلم بصحّة العمل بل ومع العلم بعدم صحّة العمل كما هو قضيّة مقالة من يجوّز التجزّي في المقام الأوّل وهو مقام الإمكان. ويمنعه في المقام الثاني وهو مقام الاعتبار وصحّة العمل ، فإنّه مع كونه في المقام الأوّل قاطعا بالإمكان ففي المقام الثاني إمّا قاطع بعدم الصحّة أو ظانّ به أو شاكّ فيه أو ظانّ بالصحّة مع عدم كون هذا الظنّ في نظره حجّة لكونه في المسألة الاصوليّة ، وهذا كما ترى آية انتفاء التوقّف بين العلم بالقبول والعلم بصحّة العمل ، فالقبول بهذا المعنى ليس