كونه قد اجتهد في تلك المسألة بالخصوص أو عدّة مسائل منها هذه المسألة أو في غيرها ممّا لا يندرج هذه المسألة فيها ، وكلّ ذلك واضح.
وثانيا : أنّ الكلام في إحراز صحّة اجتهاده فيما اجتهد فيها من المسائل الفرعيّة باجتهاده في مسألة جواز التجزّي الّتي هي مسألة اصوليّة ، فحينئذ لو توقّف الصحّة الاولى على الصحّة الثانية على ضابطة توقّف المسألة الفرعيّة على المسألة الاصوليّة لم يلزم منه توقّف الصحّة الثانية على الصحّة الاولى بل هي متوقّفة على دليلها المندرج في أدلّة المسائل الاصوليّة ، فقد يكون المتجزّي في الفروع مجتهدا مطلقا في الاصول على معنى إحاطة علمه الفعلي وقدرته على استعلام الحكم الاصولي بجميع المسائل الاصوليّة.
وقد يكون متجزّيا في الاصول مع اجتهاده فعلا في مسألة جواز التجزّي ، لكن له في كلّ مسألة اجتهد فيها أو في خصوص تلك المسألة دليل علمي أفاد له القطع بحكم المسألة.
وقد يكون متجزّيا مع كون دليله ظنّيا لكنّه يرى الظنّ في الاصول حجّة لدليل علمي حسبما تقدّم حكاية القول به ، والمناقشة معه بمنع حجّيّة الظنّ في الاصول أو بمنع علميّة دليله الناهض عليها نزاع آخر راجع إلى الصغرى غير موجب لإلزامه على لزوم الدور ، ليلزم منه بطلان مذهبه في تجزّي الاجتهاد في الفروع إذا كان هذا النزاع في نظره مكابرة كما لا يخفى.
ومنها : أنّ اعتماد المتجزّي على ظنّه بدليله الظنّي تعلّق بالظنّ في العمل بالظنّ.
وإلى ذلك يرجع ما يأتي في كلام المصنّف ، وجوابه ـ مضافا إلى ما سنقرّره ـ يظهر بالتأمّل في بعض ما ذكرناه في دفع التقرير الأوّل.
ومنها : أنّ علم المتجزّي بصحّة عمله على ظنّه والدليل الظنّي الدالّ على مساواته للمجتهد المطلق موقوف على علمه بقبول الاجتهاد التجزئة ، وهذا موقوف على علمه بصحّة عمله على ظنّه.
وإن شئت بدّلت « العلم » بـ « الظنّ » في المقامات ، هكذا نقله في المفاتيح عن جدّه قدسسره.
والظاهر أنّ العطف في قوله : « والدليل الظنّي » تفسير لظنّه كما يفصح عنه ترك هذا العطف في المقدّمة الثانية التفاتا إلى ضابطة أنّ القياس المنتج للدور إنّما ينتجه إذا كان الموقوف عليه المأخوذ في الكبرى عين ما هو الموقوف المأخوذ في الصغرى ، والعينّية على تقدير عدم كون العطف تفسيريّا منتفية كما لا يخفى.