جهة أفهامهم الناشئة عن الفرار عن لزوم التكليف بما لا يطاق لو لم يكن ظنّه حجّة من جهة بقاء التكليف وانسداد باب العلم كما هو المفروض » إلى آخره ... (١).
وفيه : أنّ العقلاء إن اريد به ما يعمّ الإمام المعصوم أيضا ـ فمع أنّ الحمل على إرادة المعنى المذكور ليس حملا على ما يغاير المعنى المصطلح عليه كما لا يخفى ـ فيه : أنّ طريق العلم على الإجماع بهذا المعنى منحصر في أمرين :
أحدهما : استقصاء جميع العقلاء الّذين منهم الإمام واستيفاء أقوالهم ، أو استقصاء من كان منهم الإمام من العقلاء ، وهو غير متيسّر عادة في أزمنة الغيبة لعدم إمكان ملاقاة الإمام بحسب العادة ولو بعنوان كونه من العقلاء مع عدم معرفته بعنوان أنّه إمام على وجه نستعلم منه قوله في المسألة.
وثانيهما : أن يكون مناط الحكم المجمع عليه أمرا محرزا معلوما يقول بموجبه كلّ عاقل بحيث استقلّ العقول من جهته بإدراك الحكم المجمع عليه ، فمن جهة الانتقال إلى ذلك المناط ابتداء ، ينتقل إلى أنّ موجبه ـ وهو الحكم المجمع عليه ـ ما يقول به كلّ عاقل لكون المناط مسلّما عند الكلّ وهذا هو معنى العلم بإجماع العقلاء الّذين منهم الإمام.
وقضيّة العبارة حيث أخذ فيها قيد « من جهة أفهامهم الناشئة عن الفرار عن لزوم التكليف بما لا يطاق » إرادة هذا المعنى.
لكن يرد عليه : أنّ سبق الاطّلاع على هذا المناط يكفي في الانتقال إلى الحكم المجمع عليه ويرفع الحاجة إلى توسيط الإجماع كما لا يخفى.
وظاهر من يذكر الإجماع هنا أخذه بانفراده طريقا يتوصّل به إلى الحكم المجمع عليه من غير نظر إلى شيء آخر.
وإن اريد به ما لا يعمّ الإمام المعصوم.
ففيه ـ مع أنّ استقصاء العقلاء كافّة غير متيسّر عادة ـ : أنّ الاطّلاع على هذا الإجماع لا يوجب الانتقال إلى الحكم المجمع عليه انتقالا جزميّا إلاّ برفع احتمال الخطأ عنهم لكون المسألة نظريّة قابلة للخطأ ، ولا رافع له في أمثال المقام إلاّ أحد الأمرين من دخول معصوم فيهم والمفروض خلافه ، ومن سبق الاطّلاع على مناط الحكم المجمع عليه وكونه ممّا يستقلّ بإدراك موجبه العقول كلّها وهو ممّا يرفع الحاجة إلى توسيط الإجماع
__________________
(١) القوانين.