بأن يكون عالما بمواقعها ويتمكّن عند الحاجة من الرجوع إليها ولو كتب الاستدلال *. ومن السنّة الأحاديث المتعلّقة بالأحكام **
__________________
الأحكام ، مع الاكتفاء في الثلث بالإشعار أو تعميمه بحيث يشمل البطون.
ولا ريب أنّ الأوّل أكثر من الثاني ، فإنّ الآية الواحدة ربّما دلّت على أحكام كثيرة.
وقد ذكر عليّ بن إبراهيم في تفسيره : أنّ سورة البقرة وحدها اشتملت على خمسمائة حكم ، وآية الشهادة منها خمسة عشر حكما ، وقد زاد المتأخّرون على ذلك كثيرا ولا يزال يزداد بتلاحق الأفكار وتعاقب الأنظار » انتهى.
* إشارة إلى ما نصّ عليه جمع من الأساطين ونفي عنه الخلاف ـ كما في مفاتيح السيّد ـ من أنّه لا يشترط في معرفة الآيات المتعلّقة بالأحكام حفظها عن ظهر القلب ، بل الواجب هو معرفة دلالتها ومواضعها بحيث يكون قادرا على الرجوع إليها واستنباط الأحكام منها ، لكن يعتبر مع ذلك معرفة ناسخها ومنسوخها ، ومحكمها ومتشابهها ، ومجملها ومبيّنها ، وعامّها وخاصّها ، ومطلقها ومقيّدها ، وحقيقتها ومجازها ، ومنطوقها ومفهومها كما نصّ عليه غير واحد ، والوجه في الجميع واضح ، بل يعتبر مع ذلك ـ على ما في نهاية العلاّمة وتهذيبه وشرحه للسيّد وغيرها ـ أن يعرف من حال المخاطب أنّه يعني باللفظ ما يقتضيه ظاهره إن تجرّد أو ما يقتضيه مع القرينة إن وجدت ، لأنّه لو لا ذلك لما حصل الوثوق بخطابه لجواز أن يعني به غير ظاهره أو غير ما يقتضيه مع القرينة ولم ينبّه عليه في وقت الحاجة ، وإنّما يحصل ذلك بحكمة المتكلّم وعصمته ، والحكم بكونه تعالى حكيما على اصول المعتزلة مبنيّ على العلم بأنّه تعالى عالم بقبح القبيح وبأنّه غنيّ عنه ليمتنع صدوره عنه.
وأمّا على قواعد الأشاعرة ففي النهاية : أنّهم اعتذروا بأنّه جائز الوقوع عقلا لكنّه قد علم عدم وقوعه كانقلاب ماء البحر دما ، حيث إنّه جائز عقلا وغير واقع خارجا ، فكذا هنا يجوز من الله كلّ شيء لكنّه خلق فينا علما بديهيّا بأنّه لا يعني بهذه الألفاظ إلاّ ظواهرها.
قال في النهاية : وليس بجيّد ، لتعذّر العلم مع حصول تجويز النقيض.
وفيه نظر ، إذ لا منافاة بين القضيّتين ، وهذا كما يقال في المجاز بلا حقيقة من : أنّه جائز عقلا ولكنّه غير واقع في الخارج فعلا.
** كما أنّ معرفة الكتاب على الوجه المتقدّم من شروط الاجتهاد كذلك من شروطه