وتحديد آيات الأحكام بخمسائة كما صرّح به في التهذيب والنهاية ، وعن القواعد والمبادئ وشرحه والدروس والكشف والوافية ، وعن الأخير نفي الخلاف عنه (١) وفي عبارة محكيّة عن السيّد الطباطبائي في بعض مصنّفاته : « والمشهور أنّها نحو من خمسمائة وقيل إنّها أقلّ وقيل أكثر ، والأصوب ترك التحديد فإنّها تزيد وتنقص بحسب اختلاف العلماء في وجوه الدلالات وتفاوت اجتهادهم في طرق الاستنباط والانتقال إلى الأفراد الخفيّة والتنبّه للوازم النظريّة » إلى آخره.
وقد صنّف لضبط هذه الآيات وجمعها وشرحها كتب ، والمشهور منها « فقه القرآن » و « كنز العرفان » و « زبدة البيان » و « مسالك الإفهام ».
وقد ورد في جملة من الأخبار تقسيم القرآن إلى ما يخالف التحديد المذكور ، فعن الباقر عليهالسلام : « نزل القرآن على أربعة أرباع : ربع فينا ، وربع في عدوّنا ، وربع سنن وأمثال ، وربع فرائض وأحكام » (٢).
وعن أمير المؤمنين عليهالسلام : « أنّه نزل أثلاثا : ثلث فينا وفي عدوّنا ، وثلث سنن وأمثال ، وثلث فرائض وأحكام » (٣).
ولا ريب أنّ ثلث القرآن بل ربعه أيضا يزيد على العدد المذكور بكثير ، فإنّ مجموع القرآن على ما ضبطوه ستّة آلاف وستّمائة وستّة وستّون آية ، فيكون ثلثه ألفين ومائتين واثنين وعشرين آية ، وربعه ألفا وستّمائة وستّة وستّين ونصفا ، ويمكن الجمع بحمل ما في كلام الأصحاب على ما في القرآن الموجود الآن بأيدينا وحمل ما في الخبرين على ما في القرآن المستور عنّا الموجود عند إمام العصر عجّل الله فرجه.
وهذا أولى ممّا ذكره السيّد المتقدّم ذكره في الجمع ، فإنّه بعد ما ذكر الخبرين قال : « والتحديد بالخمسمائة بعيد منهما وإن اعتبر بحسب الكلمات أو الحروف وضمّ آيات الاصول إلى الفروع واكتفى بمجرّد الإشعار الغير البالغ حدّ الظهور ، والوجه حمل الأثلاث والأرباع على مطلق الأقسام والأنواع وإن اختلفت في المقدار ، وحمل الربع على ما يشمل البطون ، والثلاث على ما يعمّه وبطون البطون ، أو الأوّل على غاية ما يصل إليه أفكار العلماء والثاني على ما يعمّه والمختصّ بالأئمّة ، أو حملها على أحكام الآيات دون آيات
__________________
(١) الوافية : ٢٥٦.
(٢) الكافي ٢ : ٦٢٧ ، كتاب فضل القرآن ـ باب النوادر ، ح ٤.
(٣) الكافي ٢ : ٦٢٧ ، ح ٢ من الباب المذكور.