الإشارة إليها ، وليس في حكم العادة ولا غيرها من القرائن الخارجة ما يقضي بامتناع خطأهم فيما أخبروا به واعتقدوا بموجبه ، والوقوف في قبول خبرهم المعبّر عنه بـ « الشهادة » تعسّفا لا يستلزم العدول عن قبول قولهم في مدح الرواة وتوثيقهم بعد ملاحظة ابتناء القبول هنا على الوثوق والاطمئنان أو الظنّ الاجتهادي بقول مطلق.
ولا ريب أنّ شيئا من ذلك لا يحصل بمجرّد خبرهم كما يشهد به الوجدان السليم ، خصوصا بعد ما اطّلعنا من المخبرين على ردّ كثير من أخبار كتبهم وإعراضهم عنه واستضعافهم لأسانيد كثير منها كما عرفته سابقا عن الشيخ في تهذيبيه ، وغاية ما يحصل لنا من أخبارهم بنقل الحديث من الكتب المعتمدة هو القطع بأنّهم غير مفترين في هذه الأخبار ، وهو كما ترى بمجرّده لا يلازم اعتمادنا على ما نقلوه ، حيث لا ملازمة بين كون شيء معتمدا في نظرهم وكونه كذلك عندنا.
والمفروض عدم ابتناء المقام ونظائره على التقليد ، والاعتماد النفساني ليس بأمر اختياري ، بل لابدّ فيه من واسطة تبلغ في القوّة حدّا يورث الاعتماد ، ونقلهم واعتمادهم على ما نقلوه أو على ما نقلوا عنه بمجرّدهما غير بالغين لهذا الحدّ.
نعم لا نضائق وقوعهما في بعض المقامات من أجزاء هذه الواسطة ، بأن يكون لهما مدخل ما في حصول الاعتماد في بعض الأحيان.
والفرق بين إخبارهم بما أخبروا وإخبارهم بالسماع من المعصوم بعد الإحاطة بجميع ما تقدّم واضح كوضوح الفرق بين الأرض والسماء ، والروايات الكثيرة الآمرة بالرجوع إلى الرواة الثقات مسلّمة ونقول بموجبها لمكان استفاضتها بل وتواترها معنى ، غير أنّها غير شاملة لمفروض الكلام جدّا ، مع ما عرفت سابقا من أنّ المستفاد منها إناطة القبول بحصول الاطمئنان والوثوق ، كما يرشد إليه ورود الوصف المناسب فيها من الثقة والأمانة والعدالة ونحوهما ، وهما لا يحصلان هنا بمجرّد إخبارهم ما دام استناده إلى اجتهادهم معلوما أو مظنونا أو محتملا ، فكونهم ثقات حين الإخبار المعبّر عنه بالشهادة لا يقضي بوجوب قبولها إلاّ من حيث كونها منقولة عن الكتب المعتمدة عندهم فإنّا نصدّقهم على هذه الدعوى ، غير أنّ الإشكال يسري إلى هذه الكتب حيث لا علم لنا بل ولا وثوق بصحّة جميعها ولا باعتبار كلّ ما فيها ، ولزوم خروجها في نظرنا قبل الفحص والتثبّت ضعيفة بالمعنى المصطلح عليه عندهم لا يقدح في جواز عملهم بها باعتقاد الصحّة لديهم ، لكونهم إنّما حصّلوا الصحّة بهذا