ذلك أمر محسوس والعدالة أمر خفيّ عقليّ يعسر الاطّلاع عليه ، ولا مفرّ لهم عن هذا الالتزام عند الإنصاف ».
وعنه أنّه ذكر أيضا : « أنّ علماءنا الأجلاّء الثقات إذا جمعوا أحاديث وشهدوا بثبوتها وصحّتها لم يكن أدون من أخبارهم بأنّهم سمعوها عن المعصوم عليهالسلام ، لظهور علمهم وصلاحهم وصدقهم وعدالتهم في أنّه مع إمكان العمل بالعلم لم يعملوا بغيره ، ففي الحقيقة هم ينقلوها عن المعصوم عليهالسلام وقد وردت روايات كثيرة جدّا في الأمر بالرجوع إلى الرواة الثقات مطلقا إذا قالوا : إنّ الخبر من المعصوم ، وليس هذا من القياس بل عمل بالعموم ».
وعنه أيضا أنّه قال : « إنّهم إن كانوا ثقات حين شهادتهم وجب قبولها لكونها عن محسوس وهو النقل من الكتب المعتمدة ، وإلاّ كانت أحاديث كتبهم ضعيفة باصطلاحهم فكيف يعملون بها ».
والجواب ـ مضافا إلى ما سبق في دفع كلام الأستر آبادي : ـ أنّه إن اريد بذلك أخذ شهاداتهم طريقا تعبّديّا إلى العمل بأخبار كتبهم كقطعيّة العمل بالشهادة شرعا ـ مع أنّه خلاف سيرة العلماء قديما وحديثا في إثبات حجّية أخبار الآحاد ـ منع كلّ من صغراه وكبراه.
أمّا الأوّل : فلما بيّنّاه سابقا من الوجوه القادحة في تحقّق عنوان الشهادة منهم بالقياس إلى محلّ البحث فراجع وتأمّل.
وإن اريد به أخذها طريقا علميّا إلى اعتبار كتبهم بزعم أنّها تفيد العلم الغير القابل للاحتمال بحجّيّة اعتبار تلك الكتب ووجوب العمل بها.
ففيه : أنّ علمنا الضروري بأنّهم لم ينقلوا لنا إلاّ ما ساعدهم عليه نظرهم واجتهادهم الغير المأمون من الخطأ يمنعنا عن الجزم بصحّة جميع ما في كتبهم من الأخبار واعتبارها أيضا ، وإن بلغوا في الوثاقة والورع والصدق بما بلغوا ، وكونهم قاطعين في إخبارهم لما بلغهم من دليل اجتهادي لا يجدينا في القطع بما أخبروا به ما لم يتبيّن لنا هذا الدليل واستفاضته وقطعيّته ، كما أنّ علمنا بوجود ما يكون صحيحا فيما بين تلك الأخبار وما يكون صدقا مطابقا للواقع لا يجدينا نفعا في التعويل على جميع تلك الأخبار كما هو واضح.
فانحصر طريق العمل بكلّ خبر عند الحاجة إليه في التحرّي لتحصيل الوثوق بصدقه وسكون النفس إلى صدوره.
ولا يتأتّى ذلك بالقياس إلينا إلاّ بمراجعة الكتب الرجاليّة وما يقوم مقامها ممّا تقدّم