على وجوه الأدلّة ودلالالتها فيجب وعدمها فلا يجب ، وعزى نفي البعد عنه إلى الزبدة والميل إليه إلى الفاضل الجواد في شرحها.
وهذه المسألة ممّا عنونه المصنّف في عداد شرائط المفتي من حيث إفتائه حيث عبّر عنها فيما يأتي بقوله : « ذهب العلاّمة في التهذيب إلى جواز بناء المجتهد في الفتوى بالحكم على الاجتهاد السابق ، ومنع من ذلك المحقّق فعدّ في شرائط تسويغ الفتوى أن يكون المفتي بحيث إذا سئل عن لمّية الحكم في كلّ واقعة يفتى بها أتى به وبجميع اصوله الّتي يبنى عليها » إلى آخره.
ولكنّ الأنسب كما صنعه جماعة إيرادها في أحكام الاجتهاد بل المجتهد من حيث عمل نفسه وإفتائه لغيره ، لوضوح اشتراك الجهة النافية لوجوب تجديد النظر والمقتضية لوجوبه بينهما وعدم تعقّل اختصاصها بمقام الإفتاء.
وأوضح ما يكشف عن اشتراك الجهة ما استند إليه القائل بوجوب تجديد النظر مطلقا ممّا يرجع إلى فقد المقتضي لجواز الإفتاء من دون تجديد [ النظر ] وهو ارتفاع ظنّه وعدم بقائه ، نظرا إلى احتمال تغيّر اجتهاده بعد تجديد نظره كما يكثر وقوعه في المسائل الظنّية.
وقد يتمسّك له بما يرجع إلى وجود المانع وهو عموم الأدلّة الدالّة بإطلاقها على المنع من العمل بالظنّ ، خرج منه ظنّ من جدّد نظره وكرّر اجتهاده بالإجماع وبقي الباقي تحته ومنه ظنّ من لم يجدّد النظر.
وهذان الوجهان على تقدير تماميّتهما يوجبان المنع من البناء على الاجتهاد السابق بالقياس إلى العمل والإفتاء معا وتساوي نسبتهما في اقتضاء المنع وعدمه إليهما.
ومن هنا ربّما أمكن أن يقال : إنّ مرجع النزاع في المسألة إلى اشتراط حجّية الاجتهاد بتكرّره وتجديد النظر فيه وعدمه ، كما أنّ بذلك يعلم أن ليس المراد من الوجوب المأخوذ في عنوان المسألة نفيا وإثباتا هو الوجوب الشرعي التكليفي بل الوجوب الشرطي ، على معنى كون تجديد النظر وتكرّر الاجتهاد شرطا في جواز العمل والإفتاء بالحكم المستنبط من الأدلّة بالاجتهاد.
ولكن يبقى الإشكال في وجه تخصيص هذا الحكم عند القائلين به مطلقا أو في الجملة بالوقائع المتجدّدة وعدم الالتزام به في الواقعة الاولى على ما يستفاد من كلام جماعة ، وعليه مبنى جوابهم بطريق النقض عن استدلال القائل بوجوب التجديد مطلقا