واستحبّت اخريان نافلة أو لأجل الحاجة فيشترط في صحّة عمله قصد ما يميّزه في الخارج ، ويكفي فيه قصد الاحتياط أو النذر في الأوّل وقصد النفل أو الحاجة في الثاني.
نعم لو وجبت عليه ركعتان واستحبّت اخريان من دون معلوميّة مميّز غير وجوب الأوّل وندب الثاني اتّجه لزوم قصد الوجوب والندب ، وهذا لا يمنع من الاجتزاء بسلوك طريقة الاحتياط حيث لا اشتراك أو لا انحصار لمميّز المشتركة على تقدير الاشتراك في قصد الوجه ، لعدم ابتناء الاحتياط في شيء من صوره الأربع على فرض الاشتراك فضلا عن ابتنائه على انحصار مميّز العمل في قصد الوجه.
وأمّا الخامس : فلمنع الإطلاق المتوهّم في الإجماعات المنقولة بحيث تشمل المحتاط ، بل هي عند التحقيق منصرفة إلى تارك الطريقين الغير المراعي في عباداته طريقة الاحتياط ، مع احتمال كون معقدها الجاهل الّذي لم يطابق عمله الواقع أو لم يحرز في عمله بسبب جهله القربة.
فتلخّص ممّا ذكرناه : أنّه لا دليل من عقل ولا شرع على بطلان أعمال المحتاط ، ولا على انحصار طريق الإطاعة وصحّة الأعمال في الاجتهاد والتقليد ، بل الدليل على ما بيّنّاه ناهض بخلافه.
وأمّا ما يوهم الانحصار ممّا في كلامهم من تقسيم المكلّف إلى مجتهد ومقلّد فقابل للحمل على أن يكون المراد منهما من شأنه ووظيفته الاجتهاد باعتبار بلوغه رتبته ، أو التقليد باعتبار عدم بلوغه رتبة الاجتهاد ، والمحتاط على ما شرحناه في عنوان المسألة وجعلنا عنوانه تارك الطريقين غير خارج عنهما.
أو يقال : إنّ نظرهم في التقسيم المفيد للحصر إلى مورد الوجوب على التعيين ، بناء على أنّ الاحتياط طريق لا يجب سلوكه لا عينا ولا على أنّه أحد فردي الواجب التخييري.
فالحصر المستفاد من التقسيم على التقديرين لا ينفي طريقة الاحتياط ، فإذا حصل كان مسقطا لما هو واجب بعينه من سلوك أحد الطريقين.
وإذا ثبت جواز العمل بطريقة الاحتياط في تحصيل الإطاعة وامتثال أحكام الله المعلومة بالإجمال فلا يتفاوت الحال فيه بين العمل بها في جميع المسائل المحتاج إليها بترك الطريقين رأسا والعمل بها في الجملة على وجه التلفيق بينه وبين أحد الطريقين ، بسلوكها في جملة من المسائل وسلوك أحدهما في اخرى.