القضاء فيما ثبت في نوعه القضاء ، ففيه : أنّه إنّما يصحّ على تقدير المطابقة ، وأمّا مع المخالفة فقد تقدّم الدليل على وجوبهما.
ولو اريد به أصالة عدم اشتراط صحّة العبادة بالأخذ من الطريق فهو راجع إلى الوجه الثالث الّذي سمعت الكلام فيه.
وأمّا دعوى تعسّر معرفة المجتهد ، ففيها : العلم الضروري بأنّ الناس في كلّ زمان يعرفون مجتهديهم واستجماعهم الشرائط بطرقه المقرّرة من التسامع والاشتهار وتصديق أهل الخبرة وغير ذلك بلا عسر أو مع عسر يسير لا ينافي سماحة الشريعة.
وأمّا الأخبار ، فالقسم الأوّل منها ظاهرة في صورة العجز عن العلم الّذي يقبح معه الخطاب ، لكونه من الخطاب الّذي لا طريق للمكلّف إلى امتثاله ، مع أنّ مفاد هذه الرواية إثبات شرطيّة العلم لتنجّز الأحكام الواقعيّة وصيرورتها تكليفا فعليّا ، والمقصود بالبحث نفي مدخليّة الطرق الشرعيّة في صحّة الأعمال وامتثال الأحكام الفعليّة ولا تلازم بين القضيّتين ، مع أنّ معذوريّة الجاهل إن اريد بها أنّه لا تكليف له في قضاياه المجهولة فهو في معنى رفع جلّ التكاليف عنه ، وهذا مفسدة عظيمة لا يسوغ تنزيل الأخبار عليها ، وإن اريد بها جواز اختلاف الأحكام الواقعيّة بالعلم والجهل على وجه يكون الجهل في موارده من الوجوه المغيّرة فهو مفسدة اخرى أعظم من المفسدة الاولى ، ومع ذلك فالأخبار المذكورة ليست في مقام إفادة هذا المطلب.
والقسم الثاني ـ مع أنّه لا يشمل موارد التعبّد فلا تعرّض فيه لإعادة ولا قضاء بنفي ولا إثبات ـ معارض بمثله ، كرواية بريد الكناسي في الصحيح ـ على الصحيح ـ قال : سألت أبا جعفر عليهالسلام عن امرأة تزوّجت في عدّتها؟ قال : إن كانت تزوّجت في عدّة طلاق لزوجها عليها الرجعة فإنّ عليها الرجم ، وإن كانت تزوّجت في عدّة ليس لزوجها عليها الرجعة فإنّ عليها حدّ الزاني غير المحصن ، وإن كانت تزوّجت في عدّة من بعد موت زوجها من قبل انقضاء الأربعة أشهر والعشرة أيّام فلا رجم عليها وعليها ضرب مائة جلدة.
قلت : أرأيت إن كان ذلك منها بجهالة؟ قال : فقال : ما من امرأة اليوم من نساء المسلمين إلاّ وهي تعلم أنّ عليها عدّة طلاق أو موت ، ولقد كنّ نساء الجاهليّة يعرفن ذلك.
قلت : فإن كانت تعلم أنّ عليها عدّة ولا تدري كم هي؟