ماهيّة العبادات ، والأخبار الدالّة على نفي التكليف فيما لا علم به عموما أو خصوصا.
فمن الأوّل قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « وضع عن امّتي ـ وعدّ منها ـ ما لا يعلمون » وقوله عليهالسلام : « ما حجب الله علمه عن العباد فهو موضوع عنهم » وقوله عليهالسلام : « من عمل بما علم كفى ممّا لم يعلم » ونحو ذلك.
ومن الثاني صحيحة عبد الرحمن بن الحجّاج عن أبي إبراهيم عليهالسلام قال : سألته عن الرجل يتزوّج المرأة في عدّتها بجهالة ، أهي ممّن لا تحلّ له أبدا؟ فقال : أمّا إذا كان بجهالة فليتزوّجها بعد ما تنقضي عدّتها ، وقد يعذر الناس في الجهالة بما هو أعظم من ذلك.
وقلت : أيّ الجهالتين أعذر بجهالته ، إنّ ذلك محرّم عليه؟ أم بجهالة أنّها في العدّة؟
فقال : إحدى الجهالتين أهون من الاخرى ، الجهالة بأنّ الله حرّم عليه ذلك ، وذلك لأنّه لا يقدر على الاحتياط معها.
فقلت : هو في الاخرى معذور؟ فقال : نعم إذا انقضت عدّتها فهو معذور في أن يتزوّجها (١).
وأصحّ هذه الوجوه هو الوجه الثالث وهو مع هذا أخصّ من المدّعى لوجهين :
الأوّل : لا يقضي بنفي الإثم على مخالفة الواقع فيما أدّى الجهل إلى ترك واجب أو فعل محرّم ، فإنّما يدلّ على المعذوريّة بمعنى سقوط الإعادة والقضاء في العبادات.
الثاني : أنّ أقصى مفاده المعذوريّة في العبادات على تقدير المطابقة للواقع لا مطلقا.
وأمّا الأصل ، فالظاهر أنّ المراد به أصالة البراءة النافية لوجوب الرجوع إلى المجتهد أو وجوب تحصيل المعرفة بالحكم الشرعي عن طريق معتبر ، والعقاب المترتّب على ترك تحصيل المعرفة والرجوع إلى الطريق.
ويزيّفه : أنّ وجوب تحصيل المعرفة بالحكم الشرعي بطريق الاجتهاد أو التقليد ممّا لا إشكال فيه ولا شبهة تعتريه ، فلا معنى لنفيه بأصالة البراءة.
نعم لمّا كان أصل المعرفة مقدّمة علميّة للإطاعة وامتثال الأحكام فوجوب تحصيلها الثابت بالعقل والنقل غيريّ لا يترتّب العقاب على مخالفته ، فلا حاجة في نفيه إلى التمسّك بالأصل.
فلو اريد به أصالة البراءة عن وجوب الإعادة فيما بقي للإعادة فيه محلّ ووجوب
__________________
(١) الوسائل كتاب النكاح ـ الباب ١٧ من أبواب ما يحرم بالمصاهرة ح ٤.