ثمّ إنّ هذا كلّه مع وحدة مجتهد زماني العمل والالتفات واضح ، وكذلك مع تعدّده وموافقتهما في الرأي.
وأمّا لو تعدّد واختلفا في الرأي كما لو صلّى صلاة خالية عن السورة إلى مدّة من غير تقليد صحيح ، وقارن عمله لوجود مجتهد صالح التقليد ثمّ التفت في زمان مجتهد آخر وقد مات الأوّل أو زال عنه بعض الشرائط وكان من رأي الأوّل صحّة الصلاة من غير سورة ومن رأي الثاني بطلانها أو بالعكس ، ففي كون المعتبر في المطابقة وعدمها رأي الأوّل أو الثاني وجهان : من أنّه لا يعتبر في صيرورة مؤدّى الطريق حكما فعليّا لمن وظيفته الرجوع إليه الأخذ به والالتزام بمؤدّاه فعلا ، وكما أنّ فتوى المجتهد الأوّل كان في زمان حياته أو استكماله الشرائط حكما فعليّا في حقّه فكذلك كان حكما فعليّا لغيره ممّن وظيفته تقليده ، وكان من مقتضى هذا الحكم الفعلي صحّة الصلاة المذكورة الملزومة لسقوط الإعادة والقضاء أو بطلانها المقتضي لثبوتهما ، فيستصحب هذه الآثار إلى زمان المجتهد الثاني الّذي هو زمان الالتفات والتردّد في صحّة العمل وفساده.
ومن أنّ البناء في ذلك الزمان على صحّة الأعمال السابقة ليترتّب عليها عدم وجوب الإعادة والقضاء أو على فسادها ليترتّب عليه وجوبهما لابدّ له في ذلك من مستند شرعي على معنى استناده إلى طريق مشروع ، فلو استند فيه إلى فتوى المجتهد الأوّل رجع ذلك إلى تقليد الميّت ابتداءا أو فاقد الشرائط وهو غير سائغ ، والاستصحاب المشار إليه مخدوش بعدم بقاء موضوع المستصحب أو الشكّ في بقائه ، لاحتمال كون موضوع الحكم الفعلي هو المجتهد الحيّ بوصف الحياة المستكمل للشرائط.
ومن هنا ظهر أنّ الأوجه بل الأظهر هو الوجه الثاني ، ومبناه على منع تقليد الميّت ابتداء وعدم جواز تقليد الغير المستكمل للشرائط.
نعم لو كان المجتهد الأوّل باقيا في زمان الالتفات على استكماله الشرائط وتجدّد فيه مجتهد آخر مستكمل لها أيضا فالمتعيّن حينئذ هو الرجوع إلى فتوى المجتهد الأوّل ، لأصالة عدم صيرورة مؤدّى اجتهاد المجتهد الثاني حكما فعليّا لهذا الجاهل ، وأصالة عدم حدوث التخيير بينهما في حقّه ، إذ مؤدّى الأوّل قبل تجدّد الثاني كان حكما في حقّه على التعيين بخلاف الصورة الاولى الّتي كان المتعيّن فيها الرجوع إلى المجتهد [ الحيّ ] حذرا عن تقليد الغير الجامع للشرائط الّتي منها الحياة ، ولا ينتقض ذلك بصورة التقليد في الأعمال السابقة