في الاصول كثيرة ، والنظر فيها مظنّة وقوع في الشبهة ، فيحرم النظر ويتعيّن التقليد.
وثالثة بما لو تمّ لقضى بالمنع الشرعي المستفاد من خطاب الشرع ، وهو : أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم نهى عن الجدل كما في مسألة القدر ، فروي أنّه خرج إلى أصحابه فرآهم يتكلّمون في القدر غضب عليهم حتّى احمرّت وجنتاه ، وقال : « إنّما هلك من كان قبلكم لخوضهم في هذا ، عزمت عليكم أن لا تخوضوا فيه » وقال : « إذا ذكر القدر فأمسكوا ».
والسرّ في اختلاف مفاد أدلّة هذا القول إمّا أنّهم أرادوا بالمنع المقابل للجواز ما يعمّ الوجوه الثلاثة أعني الأمر الدائر بين المنع التشريعي والمنع الشرعي من خطاب العقل أو خطاب الشرع ، أو أنّهم افترقوا بين قائل بالأوّل وقائل بالثاني وقائل بالثالث فاعتمد كلّ على ما وافق مختاره.
وأيّا مّا كان فلا خفاء في ضعف الوجوه المذكورة ووضوح فسادها.
أمّا الأوّل : فأوّلا : لمنع عدم نقل اشتغالهم بالنظر في الاصول إلينا ، فإنّ الكتاب العزيز وكتب التفاسير وكتب الأحاديث النبويّة والإماميّة وغيرها من كتب التواريخ مشحونة من مناظرات الأنبياء ورسلهم مع اممهم ، ومناظرات النبيّ والصحابة والتابعين والأئمّة عليهمالسلام وأصحابهم في المطالب الكلاميّة مع الزنادقة والملاحدة ومنكري الشرائع والنبوّات وعبدة الأصنام وغيرها من الآلهة الباطلة وأهل الكتاب والمخالفين وغيرهم من أرباب الديانات والمذاهب الباطلة ، وتعليم الأئمّة أيضا أصحابهم طريق المناظرة وآدابها.
وثانيا : لمنع الملازمة بين عدم نقل اشتغالهم به على تقدير تسليمه وبين عدم اشتغالهم به في الواقع.
والتمسّك له بتوفّر الدواعي وقضاء العادة. يدفعه : أنّهما إنّما يقضيان بالنقل في الامور التوقيفيّة الّتي لا طريق إلى إدراكها إلاّ النقل وما نحن فيه ليس منها ، إذ النظر إنّما يجوز بل يجب لا لنفسه بل لكونه طريقا محصّلا للمعرفة الواجبة والحاكم بطريقيّته العقل وهو يغني عن نقل اشتغالهم به ، ولعلّ المتصدّين لنقل أمثاله إنّما أهملوا في نقله لعدم الحاجة إليه من جهة كفاية حكم العقل بطريقيّته ومشروعيّته لذلك.
وثالثا : لمنع تحقّق البدعة على تقدير عدم اشتغالهم ، سواء فرضناها محمولة للنظر نفسه أو للقول بجوازه.
أمّا على الأوّل : فلأنّ « الدين » في تفسير البدعة عبارة عن مجموع المعارف الخمس