معرفة الله ليكون وجوبه من وجوبه ، ولا أنّه من مقدّماته ليجب بوجوبه.
ومنها : أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم كان يحكم بإسلام من أقرّ بالشهادتين وكان يكتفي بذلك منهم ولم يكلّفهم بالاستدلال والنظر ، وذلك آية عدم وجوبه وإلاّ لكلّفهم به.
وفيه : عدم قضاء ذلك برضاء النبيّ منهم بالتقليد الظنّي ، وذلك لما بيّنّاه سابقا من اشتمال الإسلام على جزئين : الإذعان والإقرار باللسان ، واكتفاؤه منهم بالإقرار بالشهادتين لعلّه لبقاء هذا الجزء منه بعد حصول الجزء الأوّل وقد علمه صلىاللهعليهوآلهوسلم بموجب علم النبوّة أو ظهر له من مقتضى ظاهر الإقرار بناء على أنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم كان مكلّفا بالظاهر لا بما خفي في السرائر.
ولعلّه السرّ في اكتفائه صلىاللهعليهوآلهوسلم من المنافقين بكلمتي الشهادة ، مع أنّ الغالب كون إقرارهم بهما مسبوقا بمشاهدة معجزاته وبيّناته ولو كانت من قبيل حالاته الحسنة وأخلاقه المستحسنة وهي من أسباب العلم.
ولو سلّم انتفاء العلم والإذعان حين الإقرار باللسان فهو أيضا لا يدلّ على أنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم كان لا يكلّفهم فيما بعد بالنظر لتصحيح العقائد وتحصيلها ، خصوصا مع ملاحظة ما هو المعلوم من سيرته صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه كان بعد إقرارهم بالشهادتين يكمّلهم ببيان الأحكام وأمرهم باصول الدين وفروعه على التدريج. والقول بأنّه لو كان كلّفهم لنقل إلينا لتوفّر الدواعي وقضاء العادة ، يدفعه : ما بيّنّاه سابقا في دفع نظيره.
ومنها : قوله : « عليكم بدين العجائز » ولا ريب أنّ دينهنّ على طريق التقليد لعدم اقتدارهنّ على النظر ، ولفظة « على » يدلّ على الوجوب فيحرم النظر.
وفيه ـ مضافا إلى منع الملازمة بين وجوب التقليد وحرمة النظر ، لإمكان الواسطة وهو كون النظر مباحا مسقطا عن الواجب وهو التقليد ـ : منع نهوض ذلك دليلا على نفي وجوب النظر ولا على وجوب التقليد ، لعدم ثبوت كونه رواية عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أو معصوم آخر ، لما قيل ـ كما عن القوشجي والفاضل الجواد ـ من كونه كلام سفيان لما روي أنّ عمرو بن عبيدة لما أثبت منزلة بين الكفر والإيمان ، فقالت عجوزة : قال الله تعالى : ( هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ ) فلن يجعل الله من عباده إلاّ الكافر والمؤمن ، فقال سفيان : عليكم بدين الأعجاز.
ولو سلّم كونه عن المعصوم فهو خبر واحد غير واضح السند ، وعلى تقدير صحّته غير ثابت الحجّية في مثل ما نحن فيه ، ولو سلّم فدلالته غير واضحة ، بل هو ـ على ما حكي