لقوله تعالى : ( فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ ) من غير تقييد (١) ، بل يجب عليه أن يقلّد من يغلب على ظنّه أنّه من أهل الاجتهاد والورع. وإنّما يحصل له هذا الظنّ برؤيته له منتصبا للفتوى بمشهد من الخلق ، واجتماع المسلمين على استفتائه وتعظيمه.
وقال المحقّق رحمهالله : ولا يكتفي العاميّ بمشاهدة المفتي متصدّرا ، ولا داعيا إلى نفسه ، ولا مدّعيا ، ولا بإقبال العامّة عليه ، ولا اتّصافه بالزهد والتورّع. فإنّه قد يكون غالطا في نفسه ، أو مغالطا. بل لا بدّ أن يعلم منه الاتّصاف بالشرائط المعتبرة من ممارسته وممارسة العلماء وشهادتهم له باستحقاق منصب الفتوى وبلوغه إيّاه.
والاختلاف بين هذين الكلامين ظاهر ، كما ترى. وكلام المحقّق رحمهالله هو الأقوى ، ووجهه واضح لا يحتاج إلى البيان.
واحتجاج العلاّمة رحمهالله : بالآية على ما صار إليه مردود. أمّا أوّلا : فلمنع العموم فيها. وقد نبّه عليه في النهاية. وأمّا ثانيا : فلأنّه على تقدير العموم لا بدّ من تخصيص أهل الذكر بمن جمع شرائط الفتوى بالنظر إلى سؤال الاستفتاء ، للاتّفاق على عدم وجوب استفتاء غيره ، بل عدم جوازه ، وحينئذ فلا بدّ من العلم بحصول الشرائط ، أو ما يقوم مقام العلم ، وهو شهادة العدلين.
ويظهر من كلام المرتضى : الموافقة لما ذكره المحقّق رحمهالله حيث قال : وللعاميّ طريق إلى معرفة صفة من يجب عليه أن يستفتيه ، لأنّه يعلم بالمخالطة والأخبار المتواترة حال العلماء في البلد الّذي يسكنه ورتبتهم في العلم والصيانة أيضا والديانة. قال : وليس يطعن في هذه الجملة قول من يبطل الفتيا ، بأن يقول : (١) هذا ما استدلّ به العلاّمة في كتبه ، ومبناه على إطلاق الذكر ، كما أشار إليه بقوله : « من