المنتظم عنده : « بأنّ كلّما أدّى إليه اجتهادي فهو حكم الله في حقّي وحقّ مقلّدي » وقضيّة ذلك أن لا يتفاوت الحال في كون مؤدّيات اجتهاد المجتهد أحكاما فعليّة في حقّ المقلّد بين الأعلم وغير الأعلم.
قلت : إنّ كون مؤدّيات اجتهاد المجتهد أحكاما فعليّة إنّما يسلّم كون نسبته واحدة بينه وبين المقلّد إذا لم يطرأها ما يخرجها من كونها كذلك في حقّ المقلّد كاشتراطه عدالة المفتي من حيث إفتائه ، ولا ما يوجب الشكّ في كونها كذلك في حقّه كالشكّ في شرطيّة الأعلميّة مع وجود الأعلم كما فيما نحن فيه ، فوحدة النسبة حسبما قرّرناها في المسألة المذكورة ليست على إطلاقها.
والمفروض أنّ مصير المعظم إلى اشتراط الأعلميّة يوجب الشكّ في الشرطيّة ، ومعه لا يلزم من كون مؤدّيات اجتهاد غير الأعلم أحكاما فعليّة في حقّه كونها كذلك في حقّ غيره ممّن وظيفته التقليد.
الثاني : قاعدة الاشتغال ، وبيانها : أنّه اشتغلت ذمّة المقلّد بامتثال أحكام الله المعلومة بالإجمال ، ولا بدّ له من طريق ولا يكون إلاّ تقليد المجتهد.
ولا ريب أنّ تقليد الأعلم مبرئ للذمّة قطعا بخلاف تقليد غيره ، فيجب الأوّل لاستدعاء الشغل اليقيني يقين البراءة ولا يحصل إلاّ به.
لا يقال : قد حقّق في محلّه أنّ الشكّ في الشرطيّة والجزئيّة يرجع فيه إلى أصل البراءة ، فكما يقال في مسألة الشكّ في جزئيّة السورة للصلاة أنّ الأصل براءة الذمّة عن العقاب المحتمل ترتّبه على ترك الصلاة مع السورة ، فكذلك الأصل براءة الذمّة عن العقاب المحتمل ترتّبه على ترك تقليد الأعلم ، ومعه لا مجرى لأصالة الاشتغال ، واللازم من ذلك كون تقليد غير الأعلم أيضا مبرئا للذمّة.
لأنّ الشكّ في المكلّف به ما لم يكن آئلا إلى الشكّ في التكليف لم يجر فيه أصل البراءة ، وإنّما يؤول إليه إذا كان الشكّ في شرطيّة أو جزئيّة شيء للعبادة وغيرها من واجب نفسي انيط الثواب والعقاب بموافقته ومخالفته ، والواجب النفسي الّذي اشتغلت الذمّة به ويترتّب العقاب على مخالفته إنّما هو امتثال أحكام الله المعلومة بالإجمال ، والتقليد طريق إليه فوجوبه غيريّ مقدّميّ ، ولا تأثير له في ترتّب العقاب على تركه ، بل إنّما يترتّب على