وعلى الأوّل فإمّا أن يكون في محلّ الابتلاء أو في غير محلّ الابتلاء كما لو كان في مسائل الحيض أو الحجّ أو الجهاد أو غير ذلك ممّا لا تعلّق له بالمكلّف.
وعلى الأوّل فإمّا أن يكون فتاوى المفضول على طبق الاحتياط ـ كأن أفتى بالوجوب أو الحرمة أو النجاسة والأفضل أفتى بما يضادّها ـ أو يكون بالعكس فالصور خمس :
الصورة الاولى : وهو الشكّ الغير المجامع للعلم الإجمالي ، فقد يقال فيها وفي الثانية والثالثة وهما المجامع له في غير محصور أو في محصور لم يكن محلاّ للابتلاء بأنّه لا يتعيّن عليه الرجوع إلى الأعلم ولا يجب عليه الفحص عن الاختلاف ، بل يجوز له الأخذ من غير الأعلم بلا فحص للأصل وعدم الدليل على وجوب الفحص ، وأصالة عدم المانع نظرا إلى أنّ الاختلاف حيثما تحقّق فهو مانع من الأخذ من غير الأعلم والأصل في محلّ الشكّ عدمه ، والسيرة القطعيّة بين المقلّدين بل سيرة الموجودين في أعصار الأئمّة عليهمالسلام المأمورين بالأخذ من رجال معلومين من فضلاء أصحابهم كزكريّا بن آدم ، ويونس بن عبد الرحمن ، ومحمّد بن مسلم ، وابن أبي يعفور وأضرابهم ، لما علم من سيرتهم كونهم إنّما يرجعون إليهم من دون فحص مع العلم العادي باختلافهم في الفضل.
وفيه : بالنسبة إلى الصورتين الاوليين نظر بل منع ، بل الوجه فيهما تعيّن الرجوع إلى الأعلم لعين ما دلّ على اعتبار الأعلميّة ووجوب الرجوع إلى الأعلم وهو قاعدة الاشتغال ، لوضوح أنّ الأخذ منه على كلّ تقديري الخلاف والوفاق في المسائل يوجب اليقين بالخروج عن عهدة الحكم الظاهري ، لأنّه بحسب الواقع إمّا معيّن أو أحد فردي الواجب المخيّر فيه ، بخلاف الأخذ من غيره لاحتمال الخلاف المانع من الأخذ منه ، والتمسّك بأصالة عدم المانع كالتمسّك بالسيرة مخدوش.
أمّا الثاني : فيظهر وجهه بملاحظة ما مرّ في دفع السيرة المتمسّك بها لنفي اعتبار الأعلميّة رأسا.
وأمّا الأوّل : فلامتناع الأصل في مورد الشكّ في الحادث ، لعدم رجوع الشكّ في الاختلاف في مفروض المسألة إلى حدوث الخلاف بين المجتهدين ، بل إلى الحادث المردّد بين كونه الخلاف أو الوفاق في المسائل ، فإنّ الاجتهاد واستنباط الأحكام الناشئ عن الملكة النفسانيّة قد حدث من المجتهدين معا إلاّ أنّه بحسب الخارج قد يحصل على وجه الخلاف وقد يحصل على وجه الوفاق فواحد من الوصفين قد حدث يقينا والشكّ إنّما هو في الحادث