ومن المقرّر في محلّه حجّية الاستصحاب في نحوه ، وهذه الاستصحابات وإن كان بعضها يرجع إلى بعض وكان مفاد الجميع واحدا إلاّ أنّ الأخير منها لا يفيد جواز تقليد الميّت إلاّ في حقّ من عاصره لامتناع الجواز في حقّ المعدوم ، والأوّل منها يعمّه وغير المعاصر ، وأمّا الثاني منها فقد يتوهّم كونه كالأخير فيختصّ بمن عاصر المجتهد الميّت في زمان حياته لامتناع تحقّق الجواز في حقّ غيره مع كونه معدوما.
وفيه : أنّه إنّما يتمّ على تقدير إرادة الجواز التكليفي ولعلّه ليس بمراد ، بل المراد الجواز الوضعي الّذي مرجعه إلى أهليّة الميّت حال حياته لأن يقلّد.
وهذه صفة ثابتة فيه يتساوى نسبته إلى من عاصره وغيره.
وكيف كان فيرد عليه بجميع تقاديره : أنّه ـ مع ما تقدّم من الإجماعات المنقولة المعتضدة بما مرّ الّتي هي دليل اجتهادي تامّ على المنع ـ غير جار.
ومع الغضّ عن ذلك فهو من أصله غير صحيح ، لاشتراط صحّته ببقاء موضوع المستصحب وهو غير محرز.
وتوهّم كونه من باب ما يشكّ في قدح العارض ، يدفعه : أنّ الموت عبارة عن زوال الحياة الّتي يحتمل كونها كالاجتهاد والإيمان والعدالة جزءا للموضوع ، على معنى كون موضوع الأحكام المذكورة المجتهد الحيّ بوصف كونه حيّا ، لا كالصحّة والمرض والصغر والكبر وغيرها ممّا لا مدخليّة له في الموضوع أصلا.
وقد تقدّم في محلّه أنّ معنى بقاء الموضوع كون القضيّة المشكوكة بعينها هي القضيّة المتيقّنة بلا تفاوت وفرق بينهما إلاّ في اليقين والشكّ وزماني اليقين والشكّ ، ولا تكون كذلك إلاّ مع وحدة موضوع القضيّتين.
ولا ريب أنّ المجتهد حيّا وهو ميّتا موضوعان متغايران بحسب المفهوم ، وعدم كون هذا التغاير موجبا لتعدّد موضوع القضيّتين مبنيّ على كون موضوع الأحكام المتقدّمة هو ذات المجتهد لا المجتهد الحيّ بوصف الحياة وهو ليس بمعلوم ، بل القدر المتيقّن ممّا ثبت له الأحكام إنّما هو المجتهد الحيّ ، ومن المستحيل انسحاب حكم موضوع إلى ما يغايره بالاستصحاب.
وبما بيّنّاه ظهر بطلان مقايسة ما نحن فيه على الماء المتغيّر بالنجاسة إذا زال تغيّره بنفسه باعتبار أنّه لا يمنع من استصحاب النجاسة ، والأصل فيه أنّ الاستصحاب لابدّ فيه