واردا أو حاكما على أصالة الحقيقة فيه.
وأمّا الكلام في سائر ما يتعلّق بهذه المسألة ومن جملته التكلّم في بعض صغريّات النصّ والظاهر والأظهر ، والتكلّم في بعض مسائل تعارض الأحوال الّذي مرجعه إلى تعارض الظاهرين ، أو النصّ والظاهر ، أو الأظهر والظاهر فسنورده إن شاء الله تعالى في خاتمة الباب.
المسألة الثانية : فيما كان الجمع بينهما بإرجاع التأويل إلى أحدهما لا بعينه المحتاج إلى شاهد خارجي ، واحتياجه هنا إلى شاهد مفقود بالفرض شاهد واضح بعدم جريان قاعدة أولويّة الجمع في تلك الصورة لعدم إمكانه.
وتوضيحه : أنّ إرادة ظاهري المتعارضين غير ممكنة لاستحالة التناقض في كلام الشارع ، وما اريد منهما خلاف ظاهره ـ كما هو المتيقّن ـ لفقد القرينة عليه غير متعيّن ، فاحتمال ذلك في كلّ منهما معارض بمثله في الآخر ، ومرجعه إلى معارضة أصالة الحقيقة في أحدهما لمثلها في الآخر ، فالأخذ بأحدهما دون اخرى ترجيح بلا مرجّح ، فهذه الصورة داخلة فيما لا يمكن فيه الجمع بين المتعارضين ، فلا يجري فيها قاعدة أولويّة الجمع الّتي موضوعها إمكان الجمع ، مع أنّ الأدلّة المستدلّ بها على تلك القاعدة على تقدير تماميّتها ونهوضها لإثبات أصل القاعدة غير جارية هنا ، لأنّ من تلك الأدلّة الإجماع المنقول الّذي تقدّم في كلام ابن أبي جمهور وهو موهون بعمل العلماء في المسائل الفرعيّة في موارد تعارض العاميّن من وجه وما بحكمها ، على ما يظهر للمتتبّع من الأخذ بالمرجّحات الدلاليّة على تقدير وجودها والتوقّف ثمّ الرجوع إلى الأصل على تقدير فقدها.
ومنها (١) : أنّ الأصل في الدليلين الإعمال فيجب الجمع بينهما مهما أمكن ، لاستحالة الترجيح من غير مرجّح.
وفيه : أنّ المراد بالأصل المذكور القاعدة المستنبطة من أدلّة حجّية سندي الدليلين المقتضية لوجوب تقديم السند على الدلالة عند التعارض الناشئ عن الشبهة في الدلالة ، ومعناه الأخذ بالسند وطرح الدلالة ، وهذا على ما تقدّم لا يخلو إمّا أن يكون من باب الورود أو من باب الحكومة ، إذ قد عرفت أنّ مقابل السند أصالة الحقيقة المحرزة للدلالة ، كما قد عرفت أنّ السند حيثما صحّ تقديمه على الدلالة إمّا وارد على الأصل المحرز لها أو حاكم عليه ، وإنّما يصحّ اعتبار الورود أو الحكومة على الأصل فيما سلم عن معارضة مثله
__________________
(١) هذه من جملة ما استدلّ بها على قاعدة اولويّة الجمع مهما أمكن.