حمل له على ما يمكن أن يريده الحكيم ، وإنّ العمل بالترجيح والتخيير فرع التعارض الّذي لا يجري فيه الجمع.
وعزى ما في العدّة أيضا إلى ظاهر كلام بعض المحدّثين حيث أنكر حمل الخبر الظاهر في الوجوب أو التحريم على الاستحباب والكراهة لمعارضة خبر الرخصة ، بزعم أنّه طريق جمع لا إشارة إليه في أخبار الباب.
وربّما نسب نحوه إلى بعض الأعلام حيث إنّه في باب بناء العامّ على الخاصّ بعد ما حكم بوجوب البناء قال : « وقد يستشكل بأنّ الأخبار قد وردت في تقديم ما هو مخالف للعامّة أو موافق للكتاب ، وفيه : أنّ البحث منعقد لملاحظة العامّ والخاصّ من حيث العموم والخصوص لا بالنظر إلى المرجّحات الخارجيّة ، إذ قد يصير التجوّز في الخاصّ أولى من التخصيص في العامّ من جهة مرجّح خارجي وهو خارج عن المتنازع » انتهى.
وفي النسبة نظر ، لجواز أن يكون مراده من المرجّحات الخارجيّة الموجبة للتجوّز في الخاصّ ما يرجع إلى الدلالة لا ما يرجع إلى الصدور أو جهة الصدور أو المضمون ، ومرجعه إلى القرينة الموجبة للتجوّز في الخاصّ ، وإن كان يأباه ما ذكره في تقرير الإشكال ، لأنّ المخالفة والموافقة يوجب الطرح لا التجوّز كما هو واضح.
وكيف كان فما يظهر من الشيخ ومن وافقه ضعيف. لأنّه خلاف المشهور وما عليه الجمهور ، وخلاف الإجماع المنقول على نحو هذا الجمع ، وخلاف مقتضى الروايتين المتقدّمتين ، وخلاف مقتضى أخبار التراجيح ، وخلاف طريقة العرف وأهل اللسان حيث إنّهم يجعلون نصوصيّة النصّ وأظهريّة الأظهر قرينة على إرادة خلاف الظاهر من الظاهر من تخصيص أو تقييد أو تجوّز آخر.
فإن قلت : إنّ هذا إنّما يسلّم في النصّ أو الأظهر والظاهر المقطوعي الصدور إذا ورد في كلام متكلّم واحد ، ومحلّ البحث في المتعارضين ما لم يقطع بصدورها.
قلت : أدلّة حجّية خبر العدل صيرّتهما كمقطوعي الصدور ، لأنّ مقتضاها وجوب الحكم بصدورهما معا ، ووجوب تصديق مخبريهما تصديقا خبريّا ، على معنى الحكم بصدق خبريهما والأخذ بمدلول كلّ منهما على أنّه حكم الله الواقعي ، وحينئذ فصدور النصّ أو الأظهر قرينة على التجوّز في الظاهر وإرادة خلاف ظاهره كما في مقطوعي الصدور.
لا يقال : هذا طرح لأصالة الحقيقة في جانب الظاهر وهو خروج عن مقتضى أدلّة