في العمل بأيّهما » انتهى (١).
وفي الثاني قال : « وأمّا الأخبار إذا تعارضت وتقابلت فإنّه يحتاج في العمل ببعضها إلى ترجيح ، والترجيح يكون بأشياء :
منها : أن يكون أحد الخبرين موافقا للكتاب أو السنّة المقطوع بها والآخر مخالفا ، فإنّه يجب العمل بما وافقهما وترك ما يخالفهما ، وكذلك إن وافق أحدهما إجماع الفرقة المحقّة والآخر يخالفه وجب العمل بما يوافقه وترك ما يخالفه ، فإن لم يكن مع أحد الخبرين شيء من ذلك وكانت فتيا الطائفة مختلفة نظر في حال رواتهما ، فإن كان رواته عدلا وجب العمل به وترك غير العدل ، وسنبيّن القول في العدالة المرعيّة في هذا الباب ، فإن كان رواتهما جميعا عدلين نظر في أكثرهما رواتا وعمل به وترك العمل بقليل الرواة ، فإن كان رواتهما متساويين في العدد والعدالة عمل بأبعدهما من قول العامّة وترك العمل بما يوافقهم ، وإن كان الخبران موافقين للعامّة أو مخالفين لهم نظر في حالهما ، فإن كان متى عمل بأحد الخبرين أمكن العمل بالآخر على وجه من الوجوه وضرب من التأويل وإذا عمل بالخبر الآخر لا يمكن العمل بهذا الخبر وجب العمل بالخبر الّذي يمكن مع العمل به العمل بالخبر الآخر ، لأنّ الخبرين جميعا منقولان مجمع على نقلهما وليس هنا قرينة يدلّ على صحّة أحدهما ولا ما يرجّح أحدهما على الآخر ، فينبغي أن يعمل بهما إذا أمكن ، ولا يعمل بالخبر الّذي إذا عمل به وجب إطراح العمل بالآخر ، وإن لم يمكن العمل بهما جميعا لتضادّهما وتنافيهما أو أمكن حمل كلّ واحد منهما على ما يوافق الآخر على وجه كان الإنسان مخيّرا في العمل بأيّهما شاء » انتهى (٢).
وظاهره رحمهالله في العبارتين أنّ الترجيح يلاحظ بين النصّ والظاهر فضلا عن الأظهر والظاهر ، فظاهر كلامه يشمل العامّ والخاصّ مع أنّ وجوب الأخذ بالخاصّ وإرجاع العامّ إليه إجماعيّ ، حتّى أنّه نقل عنه في موضع من العدّة ما يناقض ما ذكره هنا ، حيث صرّح في باب بناء العامّ على الخاصّ بأنّ الرجوع إلى الترجيح والتخيير إنّما هو في تعارضين العاميّن دون العامّ والخاصّ ، بل لم يجعلهما من المتعارضين أصلا.
واستدلّ على العمل بالخاصّ بما حاصله : أنّ العمل بالخاصّ ليس طرحا للعامّ بل
__________________
(١) الاستبصار ١ : ٤.
(٢) عدّة الاصول ١ : ١٤٧.