كان أصحّ سندا أو موافقا للكتاب أو مشهورا أو مخالفا للعامّة ما لم يعلم بصدور الأقوى على وجه التقيّة ، كما نبّه عليه قوله عليهالسلام ـ في خبر أبي حيّون ـ : « أنّ في أخبارنا محكما كمحكم القرآن ، ومتشابها كمتشابه القرآن ، فردّوا متشابهها إلى محكمها ، ولا تتّبعوا متشابهها دون محكمها فتضلّوا » وقوله عليهالسلام ـ في خبر داود بن فرقد ـ : « أنتم أفقه الناس إذا عرفتم معاني كلامنا ، أنّ الكلمة لتصرف على وجوه ، فلو شاء إنسان لصرف كلامه كيف شاء ولا يكذب ».
وممّا يقرّب ذلك أنّ صفات الراوي لا تزيد على التواتر وموافقة الكتاب لا يجعل الخبر أعلى من الكتاب ، وقد حقّق في محلّه جواز تخصيص الكتاب والسنّة المتواترة بأخبار الآحاد ، فحيثما رجع التعارض إلى تعارض الأظهر والظاهر يقدّم فيه الأظهر ولا يلتفت إلى سائر المرجّحات.
والسرّ فيه : أنّ الترجيح بقوّة الدلالة من الجمع المقبول العرفي الّذي هو أولى من الطرح ، وبذلك يخرج عن مورد أخبار التراجيح المسوقة لبيان حكم ما لا يمكن الجمع بين المتعارضين بوجه قريب يقبله العرف ، وهذا هو معقد إجماع الغوالي اللئالي أو القدر المتيقّن من معقده.
ومن مشايخنا من قال ـ بعد ما صرّح بذلك ـ : « وما ذكرناه كأنّه ممّا لا خلاف فيه » حاكيا لاستظهاره عن بعض مشايخه المعاصرين له.
ولكن ربّما يظهر من المحكيّ من عبارة الشيخ عن الاستبصار والعدّة خلاف ذلك ، حيث إنّه في الأوّل بعد ما ذكر حكم الخبر الخالي عن المعارض قال : « وإن كان هناك ما يعارضه فينبغي أن ننظر في المتعارضين فيعمل على أعدل الرواة في الطريق ، وإن كانا سواء في العدالة عمل على أكثر الرواة عددا ، وإن كانا متساويين في العدالة والعدد وكانا عاريين عن القرائن الّتي ذكرناها ينظر فإن كان متى عمل بأحد الخبرين أمكن العمل بالآخر على بعض الوجوه وضرب من التأويل كان العمل به أولى من العمل بالآخر الّذي يحتاج مع العمل به إلى طرح الخبر الآخر ، لأنّه يكون العامل به عاملا بالخبرين معا ، وإن كان الخبران يمكن العمل بكلّ منهما وحمل الآخر على بعض الوجوه من التأويل وكان لأحد التأويلين خبر يعضده أو يشهد به على بعض الوجوه صريحا أو تلويحا لفظا أو منطوقا أو دليلا للخطاب وكان الآخر عاريا عن ذلك كان العمل به أولى من العمل بما لا يشهد له شيء من الأخبار ، وإذا لم يشهد لأحد التأويلين شاهد آخر وكانا متحاذيين كان مخيّرا