بحيث يحتاج إلى شاهدين وقرينتين مستقلّتين مفقودتين ، كالمتبائنين اللذين منه ما ورد في خبر من قوله عليهالسلام : « ثمن العذرة سحت » وما ورد في آخر من قوله عليهالسلام : « لا بأس ببيع العذرة » ، لصدق التعارض عرفا وشمول أخبار الترجيح والتخيير ، لوضوح أنّه يشملهما قول الراوي : « يرد عنكم خبران مختلفان » مع عدم إمكان الجمع بينهما بوجه عرفي وإن احتمل عقلا ، ولا معارض لها من جانب أدلّة الصدور لفرض كونها مقيّدة بالإمكان المنتفي هاهنا.
نعم ربّما يشكل الحال فيما لو كان طريق الجمع بالتأويل والتصرّف في أحدهما لا بعينه وإخراجه إلى ما يوافق صاحبه المحتاج تعيينه إلى شاهد خارجي يصلح قرينة عليه مع فرض انتفائه كما في العامّين من وجه ، كقوله : « اغسل ثوبك عن أبوال ما لا يؤكل لحمه » مع قوله عليهالسلام : « لا بأس بخرء الطير » بل مطلق الظاهرين كقوله : « اغتسل للجمعة » مع قوله : « ينبغي غسل الجمعة » بناء على تساوي ظهور الأوّل باعتبار الصيغة في الوجوب لظهور الثاني باعتبار المادّة في الاستحباب من دون مزيّة لأحدهما على الآخر كما يظهر من بعض الأصحاب ، فإنّ إجراء قاعدة الترجيح أو التخيير فيه المستلزم لطرح أحدهما لا يخلو عن إشكال : من عموم الأخبار الآمرة بالترجيح مع وجود المرجّحات والتخيير مع فقدها ، لوضوح أنّه يصدق التعارض بينهما عرفا ويندرجان في خبرين مختلفين بالقياس إلى مادّة الاجتماع فيشملهما قول الراوي « يرد عنكم خبران مختلفان ».
ومن عموم أدلّة السند لهما معا القاضي بوجوب الحكم بصدورهما والتعبّد والأخذ بهما فلا داعي إلى العدول والخروج عنها.
غاية الأمر وجوب التوقّف في مدلوليهما بالقياس إلى محلّ التعارض لمكان الإجمال الناشئ من معارضة أصالة الحقيقة في أحدهما لمثلها في الآخر للعلم الإجمالي بعد الأخذ بالسندين بإرادة خلاف ظاهر أحدهما من غير تعيين ، فلا محيص من طرح ظاهر أحدهما لا بعينه وأصالة الحقيقة فيه.
ولا يبعد منع جريان الترجيح والتخيير هنا والقول بوجوب الأخذ بالسندين نظرا إلى وجود المقتضي وفقد المانع ، فإنّ المقتضي على ما عرفت عموم ما دلّ على حجّية خبر الواحد المتناول لكلّ من الظاهرين المتعارضين ، فإنّه يقتضي وجوب تصديق المخبرين والحكم بصدور الخبرين ، ولا مانع منه في جانب الأخبار الآمرة بالترجيح والتخيير ولا في جانب أدلّة حجّيّة الظواهر وأصالة الحقيقة.