معقول ، سواء رجع الطرح إلى سند الكتاب أو إلى دلالته.
أمّا الأوّل : فلأنّ قطعيّته مع عدم احتمال التقيّة فيه تمنع من طرحه الّذي هو في معنى الحكم بعدم صدوره.
وأمّا الثاني : فلأنّه لا جهة لطرحه دلالة الكتاب إلاّ طرح مدلوله من حيث النسخ وهو غير صحيح ، لعدم جواز نسخ الكتاب بخبر الواحد.
ومن ذلك أيضا ما فرضه السائل من التساوي بينهما من حيث الموافقة للكتاب بقوله : « أرأيت إن كان الفقيهان عرفا حكمه من الكتاب والسنّة فوجدنا أحد الخبرين موافقا للعامّة والآخر مخالفا » إلى آخره.
وهذا لا يستقيم إلاّ إذا كان كلّ من الخبرين المفروض موافقتهما للكتاب أخصّ من الكتاب ، كالخبرين المختلفين في صحّة بيع المكره وبطلانه مثلا الموافق أوّلهما لآية ( أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ ) وثانيهما لآية ( لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ إِلاَّ أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ ) وعليه فما سمعت من المحقّق من الاحتجاج بالوجهين ليس على ما ينبغي ، بل وارد على خلاف التحقيق.
ولا يلزم ممّا ذكرناه عدم جواز تخصيص الكتاب بخبر الواحد ، لأنّ مرجع الترجيح بموافقة الكتاب المستلزم لطرح الخبر المخالف إلى اشتراط تخصيص الكتاب بخبر الواحد بخلوّه عن معارضة مثله على وجه لم يشتمل على مزيّة مرجّحة له على معارضه ولا ضير فيه.
لا يقال : إنّ مرجع الترجيح بالموافقة حينئذ إلى حفظ ظاهر الكتاب والعمل بعمومه فيلزم كون الكتاب مرجعا لا مرجّحا ، وهذا خلاف المعنى المعهود من الترجيح وهو تقديم ذي المزيّة من الخبرين على وجه يكون الخبر هو المستند والمرجع ومدرك الحكم في المسألة.
لأنّا نقول : إنّ مدلول الخبر الموافق بحسب الواقع وإن كان من مقتضى الكتاب إلاّ أنّ ثبوته في المورد دون مدلول الخبر المخالف بعد وقوع التعارض بينهما ـ بحيث أوجب للناظر فيهما تحيّرا في أنّ الصادر من الإمام هل هو الخبر الموافق أو الخبر المخالف ـ يستند في ظاهر نظر العرف إلى الخبر ، بحيث يصحّ إسناده إليه والحكم عليه بكونه مرجعا في المسألة ومدركا للحكم فيها.
غاية الأمر اعتضاد مضمونه بموافقة الكتاب ، فالمرجّح له في الحقيقة هو الموافقة للكتاب ، فإنّها المزيّة في أحد المتعارضين أوجبت تقديم مضمونه على مضمون معارضه