موقوف على المعرفة العلميّة لتفاصيل هذه المعلومات بالإجمال ، فيكون تحصيل هذه المعرفة على تقدير إمكانه واجبا من باب المقدّمة ، لكنّها بالقياس إلى أغلب هذه المعلومات متعذّرة لانسداد باب العلم التفصيلي بفقد الطرق العلميّة ، فإنّ تفاصيل الأحكام الشرعيّة بالنسبة إلينا على أقسام :
منها : ما هو معلوم فعلا بالضرورة من الدين أو المذهب.
ومنها : ما هو معلوم كذلك بالنظر.
ومنها : ما هو متمكّن من العلم به كذلك.
ومنها : ما لا يتمكّن فيه من العلم أصلا وهو الغالب ، والعلم أو التمكّن منه إنّما يتّفق نادرا ، وهو فيما يتّفق لا يجدي نفعا في الامتثال غالبا إلاّ مع انضمام امور كثيرة اخر غير علميّة كما لا يخفى على المتأمّل.
وقضيّة ذلك كلّه تعذّر الامتثال العلمي التفصيلي فلا بدّ من إسقاط أحد هذين القيدين ، إمّا بالتزام الاحتياط الموجب للامتثال العلمي الإجمالي ، أو التزام الرجوع إلى الظنّ حيثما أمكن حصوله اكتفاء بالامتثال الظنّي التفصيلي.
والفرق بين الطريقين أنّ الأوّل يؤدّي إلى إدراك الواقع نفسه المستلزم لعدم بدليّة شيء آخر منه ، بخلاف الثاني بملاحظة عدم كون الظنّ بدائم المصادفة للواقع ، فجواز الاكتفاء به شرعا يقضي ببدليّة الغير في مواضع عدم المصادفة على الجعل الموضوعي لا مطلقا كما شرحناه في محلّه.
وهاهنا طريق ثالث لو كان موجودا لقضى بسقوط الظنّ عن الاعتبار وإن شاركه في اقتضاء البدليّة على تقدير عدم المصادفة ، وهو الرجوع إلى الطرق المقرّرة في الشريعة القائمة مقام العلم التفصيلي والأخذ بمؤدّياتها تعبّدا اكتفاء عن الواقع وإن لم تكن مصادفة له.
ومن المعلوم أنّ مؤدّى هذه الطرق على تقدير وجودها يكون علما شرعيّا قائما مقام العلم العقلي ، والتكلّم في اعتبار الظنّ وعدمه مبنيّ على انتفاء هذه الطرق أو عدم كفاية الموجود منها عن امتثال المعلومات بالإجمال كلّها ، فيكون المراد بفرض انسداد باب العلم في الغالب فرض انسداد ما يعمّ العلم العقلي والشرعي معا كما هو مقرّر في محلّه.
وقضيّة ذلك سقوط اعتبار الامتثال العلمي التفصيلي لتعذّره بفرض الانسداد بالمعنى المذكور مع ضميمة قبح التكليف بالمتعذّر.