ثالثاً : إن كلام الشهيد مطهري لا يمكن قبوله من دون تمحيص علمي ، إذ إن من يقرأ كلامه يتخيل : أن علماء الإسلام ليس لهم هَّم إلا حل رموز كتب ابن عربي ، خصوصاً كتاب : «فصوص الحكم» ، وأنهم قد اجتمعوا بقضهم وقضيضهم لمعالجة مبهماتها ، وحل مشكلاتها ، ثم ظهر عجزهم ، وبانت خيبتهم.
مع أن الحقيقة ليست كذلك ، فإن من يظهرون الاهتمام بهذا العلم الذي لابن عربي ، نوع معرفة أو درجة من البراعة فيه ، هم أقل القليل من العلماء ..
أما الذين يمارسونه بصورة جدية ، ومقبولة ، ومعقولة ، فهم أفراد قلائل في كل زمان ..
فإذا لم يفهم كتاب الفصوص إلا اثنان أو ثلاثة ، في كل عصر ، فإن ذلك هو الأمر الطبيعي بالنسبة إلى علم يقل المهتمون به ، ويندر الذين يسعون إلى التعمق والتبحر فيه .. وإن كان يكثر المدّعون له ، رغبة في الحصول على شرف الانتساب ، دون بذل جهد في سبيل نيل حقائق ذلك العلم ، وتحصيل دقائقه ..
رابعاً : إن كلام الشهيد مطهري لا يفيد شيئاً في رفع إبهام أمر ابن عربي فيما يرتبط بحقيقة مذهبه الاعتقادي .. فإن عدم فهم الكثيرين لكلام هذا الرجل في الفصوص ـ لو صح ـ فليس معناه : أن جميع ما أورده في ذلك الكتاب أو في غيره ، غير مفهوم لهم أيضاً ..
بل المراد : أن كثيراً من موارد ذلك الكتاب تبقى مبهمة على القارئ ، غير المتخصص في ذلك العلم ، مع قلة أولئك المتخصصين في خصوص العرفان الصوفي لدى أهل السنة .. فالابهام إنما هو في موارد لا ترتبط بما يدل على حقيقة مذهبه الإعتقادي.
ولم نجد أحداً قال : إن أياً من المفردات الصريحة في دائرة ما يستعصي فهمه على العلماء؟! أو حتى على العامة من الناس ، فضلاً