وأغدق معاوية الأموال الهائلة على المؤيدين له والمنحرفين عن الإمام أمير المؤمنين (عليه السّلام) ، وقد أسرف في ذلك إلى حدّ بعيد ، ويقول الرواة : إنّ يزيد بن منبه قدم عليه من البصرة يشكو له ديناً قد لزمه ، فقال معاوية لخازن بيت المال : أعطه ثلاثين ألفاً. ولمّا ولّى قال : وليوم الجمل ثلاثين ألفاً أُخرى (١).
لقد وهب له هذه الأموال الضخمة جزاءً لمواقفه ، ومواقف أخيه الذي أمدّ المتمردين في حرب الجمل بالأموال التي نهبها مِن بيت مال المسلمين ، وقد حفل التاريخ ببوادر كثيرة مِن هبات معاوية للقوى المنحرفة عن الإمام (عليه السّلام) ، والمؤيدة له.
وفتح معاوية باباً جديداً في سياسته الاقتصادية وهي شراء الأديان وخيانة الذمم ؛ فقد وفد عليه جماعة مِن أشراف العرب فأعطى كلّ واحد منهم مئة ألف ، وأعطى الحتات عمّ الفرزدق سبعين ألفاً ، فلمّا علم الحتات بذلك رجع مغضباً إلى معاوية فقال له : فضحتني في بني تميم ؛ أمّا حسبي فصحيح ، أوَلست ذا سنّ؟ ألست مطاعاً في عشيرتي؟
ـ بلى.
ـ فما بالك خست بي دون القوم ، وأعطيت مَنْ كان عليك أكثر ممّن
__________________
(١) العقد الفريد ١ / ١٩٤.