كان لك؟!
فقال معاوية بلا حياء ولا خجل : إنّي اشتريت مِن القوم دينهم ووكلتك إلى دينك.
ـ أنا اشتري منّي ديني. فأمر له بإتمام الجائزة (١).
لقد خسرت هذه الصفقة التي كشفت عن مسخ الضمائر ، وتحوّلها إلى سلعة تباع وتشرى.
ومُنيت الخزينة المركزية بعجزٍ مالي خطير نتيجة الإسراف في الهبات لشراء الذمم والأديان ، ولمْ تتمكن الدولة مِن تسديد رواتب الموظفين ؛ ممّا اضطر معاوية إلى أنْ يكتب لابن العاص راجياً منه أنْ يسعفه بشيء مِن خراج مصر الذي جعله طعمة له ، فقد جاء في رسالته : أمّا بعد ، فإنّ سؤال أهل الحجاز وزوّار أهل العراق قد كثروا عليّ ، وليس عندي فضل مِن إعطيات الجنود ، فأعنّي بخراج مصر هذه السنة.
ولم يستجب له ابن العاص وراح ينكر عليه ، ويذكّره بأياديه التي أسداها عليه ، وقد أجابه بهذه الآبيات :
معاويَ إنْ تدركْك نفسٌ شحيحةٌ |
|
فما ورثتني مصر اُمّي ولا أبي |
وما نلتُها عفواً ولكن شرطتُها |
|
وقد دارت الحربُ العوانُ على قطبِ |
ولولا دفاعي الأشعري وصحبهُ |
|
لألفيتها ترغو كراغيةِ السغبِ |
ولمّا قرأ معاوية الأبيات تأثر منه ، ولمْ يعاوده بشيء مِن أمر مصر (٢).
__________________
(١) حياة الإمام الحسن (عليه السّلام) ٢ / ١٥٣.
(٢) الأخبار الطوال / ٢٠٤.