فسخر منه مروان وراح يندّد به قائلاً : لا تجزع ممّا قلت لك! فإنّ آل أبي تراب هم الأعداء مِنْ قديم الدهر ولم يزالوا ، وهم الدين قتلوا الخليفة عثمان بن عفان ثمّ ساروا إلى أمير المؤمنين ـ يعني معاوية ـ فحاربوه.
ونهره الوليد فقال له : ويحك يا مروان عن كلامك هذا! وأحسِن القول في ابن فاطمة ، فإنّه بقيّة النّبوة (١). واتّفق رأيهم على استدعاء القوم وعرض الأمر عليهم ؛ للوقوف على مدى تجاوبهم مع السلطة في هذا الأمر.
لقد حرّض مروان الوليد على التنكيل بالمعارضين ، واستهدف بالذات الإمام الحُسين ، فألحّ بالفتك به إنْ امتنع من البيعة ، وفيما أحسب أنّه إنّما دعاه لذلك ما يلي :
١ ـ أنّ مروان كان يحقد على الوليد ، وكانت بينهما عداوة متأصّلة وهو على يقين أنّ الوليد يحبّ العافية ولا ينفّذ ما عهد إليه في شأن الإمام الحُسين ، فاستغلّ الموقف وراح يشدّد عليه في اتّخاذ الإجراءات الصارمة ضدّ الإمام ؛ ليسبتين لطاغية الشام موقفه فيسلب ثقته عنه ويقصيه عن ولاية يثرب ، وفعلاً قد تحقّق ذلك ، فإنّ يزيد حينما علم بموقف الوليد مع الحُسين (عليه السّلام) غضب عليه وأقصاه عن منصبه.
__________________
(١) الفتوح ٥ / ١٢ ـ ١٣.