وحار الوليد في أمره فرأى أنّه في حاجة إلى مشورة مروان عميد الأُسرة الاُمويّة فبعث خلفه ، فأقبل مروان وعليه قميص أبيض وملأة مورّدة (١) فنعى إليه معاوية فجزع مروان وعرض عليه ما أمره يزيد مِنْ إرغام المعارضين على البيعة له وإذا أصرّوا على الامتناع فيضرب أعناقهم ، وطلب مِنْ مروان أنْ يمنحه النّصيحة ويخلص له في الرأي.
وأشار مروان على الوليد فقال له : ابعث إليهم في هذه الساعة فتدعوهم إلى البيعة والدخول في طاعة يزيد ، فإنْ فعلوا قبلت ذلك منهم وإنْ أبَوا قدّمهم واضرب أعناقهم قبل أنْ يدروا بموت معاوية ؛ فإنّهم إنْ علموا ذلك وثب كلّ رجل منهم فأظهر الخلاف ودعا إلى نفسه ، فعند ذلك أخاف أنْ يأتيك مِنْ قِبَلِهم ما لا قِبَلَ لك به ، إلاّ عبد الله بن عمر فإنّه لا ينازع في هذا الأمر أحداً ... مع إنّي أعلم أنّ الحُسين بن علي لا يجيبك إلى بيعة يزيد ولا يرى له عليه طاعة ، ووالله ، لو كنت في وضعك لمْ اُراجع الحُسين بكلمة واحدة حتى أضرب رقبته كان في ذلك ما كان.
وعظُمَ ذلك على الوليد وهو أحنك بني أُميّة وأملكهم لعقله ورشده ، فقال لمروان : يا ليت الوليد لمْ يولد ولمْ يك شيئاً مذكوراً.
__________________
(١) تاريخ الإسلام ـ الذهبي ١ / ٢٦٩.