.................................................................................................
______________________________________________________
الثانية : موثّقة زرارة ، قال : قلت لأبي جعفر (عليه السلام) : إنّ أُمّي كانت جعلت عليها نذراً : إن الله ردّ (إن يردّ الله) عليها بعض ولدها من شيء كانت تخاف عليه أن تصوم ذلك اليوم الذي يقدم فيه ما بقيت ، فخرجت معنا مسافرةً إلى مكّة فأشكل علينا لمكان النذر ، أتصوم أو تفطر؟ «فقال : تصوم ، قد وضع الله عنها حقّه ، وتصوم هي ما جعلت على نفسها» إلخ (١) ، وأوردها عنه بسند آخر مع نوع اختلاف في المتن في كتاب النذر (٢).
يعني : أنّ الله تعالى قد وضع حقّه المجعول ابتداءً فأسقط الصوم في السفر ، فكيف بالحقّ الذي جعلته هي على نفسها بسبب النذر؟! فإنّه أولى بالسقوط ، فإنّ جملة «وتصوم هي» إلخ ، بمثابة الاستفهام الإنكاري كما لا يخفى.
إذن فهذه الرواية المعتبرة كسابقتها واضحة الدلالة على أنّ طبيعي الصوم بأيّ سببٍ وجب من نذرٍ أو غيره مشروط وجوبه كصحّته بعدم السفر.
ومن هنا ذهب جمع من المحقّقين إلى عدم الفرق في الاشتراط بين صيام رمضان وغيره وأنّ الوجوب مطلقاً مشروط بالحضور ، ويسقط بالسفر استناداً إلى ما عرفت ، غايته أنّ الروايات من حيث وجوب القضاء بعد ذلك وعدمه مختلفة ، وذاك بحث آخر ، وكلامنا فعلاً في الاشتراط وعدمه ، وما ذكروه من الاشتراط هو الصحيح حسبما عرفت.
ثمّ إنّه قد صرّح بعضهم بجريان هذا الحكم فيما وجب بالإجارة أيضاً ، فلو كان أجيراً لزيد في صوم يومٍ معيّن ساغ له السفر وسقط عنه وجوب الوفاء ، لأنّ التكليف به كسائر أقسام الصيام مشروط بالحضر بمناط واحد.
__________________
(١) الوسائل ١٠ : ١٩٦ / أبواب من يصح منه الصوم ب ١٠ ح ٣.
(٢) الوسائل ٢٣ : ٣١٣ / كتاب النذر والعهد ب ١٣ ح ٢.